فصل في القياس ماهيته وأقسامه وأركانه
  الشعير والله أعلم. ثم أشار إلى شروط الحكم فقال:
  ٢٣٨ - وَشَرْطُ حُكْمِ كَوْنِهِ شَرْعِيَّا ... لَا لُغَوِيًّا جَا وَلا عَقْلِيَّا
  أشار الناظم إلى بيان شروط الأصل فقال: وشرطُ حُكمِ ... إلخ: يعني أن شرط الحكم الذي هو أحد أركان القياس أن يكون حكمًا شرعيًّا أي ثابتًا بدليل شرعي؛ لأن المراد بالقياس فيه القياس الشرعي؛ لأن المقصود مِنْهُ إثبات حكم شرعي في الفرع، والحكم الشرعي إما أن يكون عمليًّا قطعيًّا أو ظنيًّا اتفاقًا أو علميًا قطعيًّا عند القاسم والهادي والناصر $، وقدماء المعتزلة والأشاعرة، ولذا أثبتوا التكفير والتفسيق بالقياس، فكفروا من قال: إن الله رابع أربعة قياسًا على من قال: إن الله ثالث ثلاثة، وفسقوا من سرق عشرين درهمًا قياسًا على من سرق عشرة دراهم من حرز، وقوله: لا لُغَوِيًّا ... إلخ: أراد أنه لا يصح أن يكون الحكم لُغَوِيًّا منسوبًا إلى اللغة نحو أن يقال: في اللواط: وطءٌ وجب فيه الحد، فيسمى فاعله زانيًا كواطئ المرأة فهذا لا يصح لأن أجزاء الأسماء إنما ثبتت بوضع أهل اللُّغة لا بالقياس الشرعي، وأما إثبات الأسماء اللُّغوية بالقياس اللغوي فيسمى لغةَ: المسْكُوْتَ عنه باسم غيره بجامع بينهما كالنبيذ تسميه خمرًا بجامع التخمير لأن التخمير التغطية وكتسمية النباش سارقًا بجامع الأخذ بخفية واللايط زانيًا للإيلاج المحرم، فقال الجويني والغزالي والآمدي وابن الحاجب: إنه ممنوع وقال المنصور بالله والباقلاني وشريح وابن أبي هريرة(١) وجمهور أئمة العربية والرازي: إن ذلك جائز، ويجعلون ما ثبت من الأحكام بالقياس ثابتًا بالنص الوارد على الأصل، ولا يثبت بالقياس إلا مجرد التسمية، مثلًا الخمر اسم لكل نَيٍّ مسكرٍ من عصير العنب، قيل أو الرطب وما سوى ذلك من المايعات المسكرة إنما يسميه أهل اللغة نبيذًا والإجماع منعقد على تحريم النبيذ كالخمر؛ لكن اختلف في مستند الإجماع على تحريم النبيذ، فعند الأولين أنه القياس الشرعي في الحكم لا لأنه يسمى خمرًا، وعند الآخرين أنه الوارد بتحريم الخمر لا أنَّ النبيذ الخمر بالقياس اللُّغوي، فإنهم إنما يثبتون بالقياس مجرد التسمية. قلتُ: الصحيح أن النبيذ وما في معناه مندرج في عموم كل مسكر حرام والله أعلم. ثم أشار الناظم إلى بيان شروط العلة فقال:
(١) ابن أبي هريرة: هو الحسن بن الحسين القاضي أبو علي بن أبي هريرة البغداي أحد أئمة الشافعية مات ببغداد في رجب سنة ٣٤٥ هـ. طبقات الشافعية ٢/ ١٢٦.