فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

حد الدليل عند أهل المنطق

صفحة 68 - الجزء 1

  يعني أن أهل المنطق: حدوه بأنه المركب من قضيتين للتأدي إلى مجهول نظري والتركيب في الاصطلاح كالترتيب إلا أنه⁣(⁣١) لا يعتبر في مفهومه النسبة بالتقديم والتأخير، ويرادفه التأليف، وبه تخرج المفردات، وقوله: مِنَ القَضِيَّتَيْنِ: لإخراج القضية الواحدة المستلزمة لعكسها أو عكس نقيضها، فإنها مركبة لكن من المفردات نحو: كل إنسان حيوان عكسه: بعض الحيوان إنسان، وبعكس النقيض: كُلُّ لَا حَيَوَان لا إنسان، وإنما اعتبر الجهل في المطلوب حيث قال: لكي يُؤَدِّيْكَ ... إلخ: لاستحالة استعلام المعلوم وتحصيله الذي يطلب بالنظر تحصيله وإن وجب أن يكون معلومًا بوجه آخر حتى يمكن طلبه بالقصد، وتحقيق الكلام في هذا المقام: أنه لا بد أن يكون المطلوب مجهولاً من ذلك الوجه، وقوله: وإن وجب أن يكون أي المطلوب معلومًا بوجه آخر غير ذلك الوجه الذي يطلب بالنظر تحصيله، مثلًا: كالإنسان يعلم من حيث إنه موجودٌ فلا يطلب من هذه الحيثية، ثم يراد تمييزه من بين الموجودات، فينظر فيه ليطلع على معان ذاتية وعرضية عامة أو خاصة، فيطلب ليمتاز عن غيره، هكذا ذكره السعد⁣(⁣٢) في المطلوب التصوري، ويعرف مِنْهُ بالمقايسة للمطلوب التصديقي، والحاصل أن المطلوب لو كان معلومًا من كل وجه، أو مجهولًا من كل وجه استحال طلبه، فلا بد أن يكون معلومًا من وجه مجهولاَ من آخر، وَهَا هُنا إشكالٌ مشهور في تحصيل المجهول؛ أورده ابن الحاجب في المنتهى، وَشُرَّاحُ كلامه حيث قالوا: لا مطلوب من التصور والتصديق، لأنه إما أن يكون حاصلًا معلومًا فلا يطلب، وإما غير حاصل ولا شعور به، فلا يطلب: لامتناع طلب المجهول، وحاصل الجواب على ما حققه الشريف في حواشي شرح المختصر، (أن يقال: إن أريد بالحاصل ما هو معلوم من كل وجه، وبغير الحاصل ما لم يعلم أصلًا، فالحصر ممنوع، إذ قد يكون معلومًا من وجهٍ دون وجه وحينئذ يريد بالحاصل ما هو معلوم الوجه ولا محذور في طلبه من الوجه المجهول، لأن الوجه المجهول ليس مجهولًا مطلقًا، ليمتنع توجه النفس إليه بل هو معلوم ببعض عوارضه الذي هو الوجه المعلوم) ذكر هذا كله الضياء.

  إذا عرفت هذا: فلا يبعد أن يقال: إن هذا التعريف مشتمل على العلل الأربع فالمركب إشارة إلى


(١) أي التركيب تمت مؤلف.

(٢) السعد: هو مسعود بن عمر بن عبد الله سعد الدين التفتازاني، عالم، متكلم، أصولي شافعي، وكان في لسانه حبسة يميل أحيانًا إلى آراء الحنفية، ولد بتفتزان بلدة بخراسان في صفر سنة ٧١٢ هـ، توفي في صفر ٧٩٢ هـ.