فصل في السنة وأقسامها
  على لزومه للمقضي عليه ظاهرًا فقط، ولذا قال ÷: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِليَّ وَلَعَلَ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذَنَّهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» رواه في أصول الأحكام، وغيره من كتبنا والشيخان(١)، وإذا ملَّك أحدًا مؤمنًا أو كافرًا، فإنه يفيد الملك ظاهرًا وباطنًا عند الحفيد(٢) وغيره، وقال الدَوَّارِيْ: إن ملكه ÷ من الغنائم كفدك فظاهرًا، وباطنًا، وإن ملكه من غيره، ثم ملكه الغير فظاهرًا فقط، وأمَّا فعل الرسول ÷ وتركه فالمختار عند أئمتنا $ والجمهور وجوب التأسي به ÷ في جميع أفعاله، وكذا تروكه، وإنما يجب التأسي به سمعًا لا عقلًا بدليل سمعيٍّ نحو قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}[الأحزاب: ٢١]. ومعنى الآية: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلَهُ في رسول الله ÷ أسوة حسنة، فَدَلَّتْ: على لزوم التأسي للإيمان، ويلزمه بعكس النقيض عدم الإيمان لعدم التأسي، والإيمان واجب، فكذا لازمه الذي هو التأسي وعدم الإيمان حرام، فكذا ملزومه الذي هو عدم التأسي وإلا ارتفع اللزوم، وأشار الناظم - غفر الله له - بالاستثناء إلى ما كان جِبِليًّا أي: طبيعيًّا؛ لا يخلو مِنْهُ جبلةُ ذي روحٍ كالأكل والشرب، فإنَّا نعلم من دينه ÷ أنه لم يلزمنا إتباعه فيهما إذا كانا مجردين عما يتعلق بهما من وجوب عند الضرورة إليهما؛ أو ندب عند الحاجة، أو كراهة عند الشبع، والرِّيِّ، أو حرمة عند الضرر وإلا شرع التأسي فيهما كما شرعت هيئتهما، وأشار بقوله: أوخُصَّ ... إلخ: إلى ما علم من خصائصه ÷ واجبًا كان كالتهجد، والأضحية، والضحى، والوتر، والمشاورة والسواك، وتخيير نسائه فيه ومصابرة العدو وإن كثر، وأنه يجب على من رغب ÷ في نكاحها من النساء - وَهِيَ خالية - إجابته وإذا كانت مزوجة وجب على زوجها طلاقها امتحانًا لإيمان الزوج(٣)، أو مباحًا: كالوصال في
(١) أصول الأحكام ٢/ ٣١١ باب الشهادات، ومسند الإمام زيد باب مسائل الصلاة ١/ ١٨٣، والبخاري رقم (٢٤٨٣، ٦٤٥٢) ومسلم ٩/ ١٠٢ برقم (٣٢٣١).
(٢) الحفيد: أحمد بن محمد بن الحسن الرصاص علامة أصولي ت: سنة ٦٥٦ هـ طبقات الزيدية وأينما أطلق في هذا الكتاب فهو المراد، مطلع البدور ١/ ١٧٧، أعلام المؤلفين ١/ ١٧٣.
(٣) وهذا كان قبل نزول آية حضر تزوجه فوق ما معه من النساء، قال تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ٥٢}[الأحزاب: ٥١] إلا ما ملكته يمينه ÷. والله أعلم وأحكم. وهذه مما اصل لها الاصليون في الكتب مع انها مخصصة بقصة زيد بن =