فرع: [في لفظ الجلالة ومعناه]
  الباري - جل وعلا - الله في الأزل(١) إلَّا بعد وَلَهِ العبادِ ونحوِه مما زعموا أنه مشتق منه فقط وهو ظاهر البطلان، إلا أن يقال: يصح الاشتقاق مما سيحصل(٢) في المستقبل كما سيجيء إن شاء الله تعالى.
  وأيضاً لو كان مشتقّاً لكان معنى «الإله» و «الله» واحداً، وهو من تَحِقُّ له العبادة، وهذا وإن قاله بعضهم فإن المشهور عند المحققين خلافُهُ، وهو أن «الله» و «الإله» مختلفان، فالإله: هو من تَحِقُّ له العبادةُ، ومن ثَمَّ سمَّت العربُ الأصنامَ آلهةً؛ لاعتقادهم أنها تحق لها العبادة، وأما «الله» فإنه لم يُطلق في جاهلية ولا إسلام إلَّا على ربنا جل وعلا، ذكر هذا النجري في شرحه؛ فثبت بما ذكرناه أن لفظ الجلالة اسم له جل وعلا بإزاء مدحٍ (وليس بِعَلَمٍ) له تعالى؛ لأن الأعلام لا تُفيد معنىً سوى تمييز مُسماها.
  وقالت (النحاة) وهم أهل علم النحو: (بل هي) أي: الجلالة (عَلَمٌ) له تعالى كسائر الأعلام الغالبة، قالوا: أصله: إله، فحُذفت منه الهمزة، وأُدخل اللام؛ لرفع الشياع الذي ذهبوا إليه من تسمية أصنامهم آلهةً، وأُدغمت لام التعريف في اللَّام التي بعدها ولزمت كالعوض من الهمزة المحذوفة، ومن ثَمَّ تُقطع الهمزة في النداء.
  (قلنا: العَلَمُ) إنما (يُوضع لتمييز ذاتٍ عن جنسها والله تعالى لا جنس له) فيميز بعضه عن بعض؛ (لما مَرَّ) من أنه الأحد الذي ليس كمثله شيء.
  (قالوا: أصل الله: إلهٌ، بمعنى مألوه، أي: معبود) والإلَاهَة: العبادة (واللَّام بدلٌ من الهمزة) كما ذكرناه آنفاً (فهو من الأعلام الغالبة) على مسمَّى واحد بعد
(١) يحمل الأزل في كلام المحققين على معنى القدم اللغوي؛ لانه يستحيل أن يكون اسم في الأزل، وبهذا لا يرد ما ذكره الحسين، فمراد سيد المحققين بقوله: لزم ألا يسمى الباري في الأزل، أي: قبل وجود الخلق، وهو يفهمه صريح كلامه في الاستثناء، حيث قال: إلا بعد وله العباد، فتحصل أن مراده أنه يلزمهم ألا يسمي الله ذاته المتعالية الله قبل وجود العباد، فتامل والله ولي التوفيق. كتبه المفتقر إلى الله سبحانه مجدالدين بن محمد ثبتهما الله تعالى.
(٢) في الأصل: سيوجد. و (أ، ب): سيحصل.