(فصل: «والله سبحانه مريد لجميع أفعاله»)
  معادياً لمن هو معدوم من أعدائه، وإن العبد قد يكون مؤمناً والله تعالى معادٍ له ساخط عليه إذا كان ممن يكفر في آخر عمره، ويكون راضياً عن الكافر قبل وقوع سببه - وهو الطاعة - موالياً له محباً له إذا كان يؤمن في آخر عمره.
  قال: فأما ما ذكر عن سليمان بن جرير فقد دَلَلْنا على بطلان قوله ببطلان أصله الذي هو متعلّق به في أن الإرادة من صفات الذات، ومما يُبين ذلك أن الساخط إنما يَحْسُن أن يسخط على من فعل قبيحاً لا لعلمه أن الفعل المُسْخِطَ له سيقع، ألا ترى أن ذلك يقبُح منه قبل وقوع القبيح، كما يقبح منَّا أن نعاقب بالضرب والإيلام مَن لم يأت ما يستحق ذلك منه؟! فإذا كان كذلك لم يجز منه تعالى أن يسخط على المؤمن من حيث علم أنه سيكفر في آخر عمره.
  وأما سليمان بن جرير فقد سلك طريقةً ما سلكها أحدٌ من الأئمة والعلماء سوى هذه الفرقة المجبرة اعلم ذلك. انتهى كلام الهادي #.
  قلت: ومراد الهادي # أن السخط والولاية مستحقَّة على الأعمال، أي: أعمال المكلف، وما حكاه عن سليمان بن جرير أن الإرادة من صفات الذات يريد أن السّخط والولاية مستحقان لذات المكلف لا بالنظر إلى فعله، وهذا هو مذهب المجبرة، والله أعلم.
(فصل: «والله سبحانه مريد لجميع أفعاله»)
  والمعنى: أنه تعالى خلقها وهو عالم بها على وفق الحكمة والصواب، لا عن غفلةٍ وسهوٍ، (خلافاً لمن أثبت له تعالى إرادةً مخلوقة غيرَ مرادةٍ)، وكذلك كراهةً مخلوقةً غيرَ مرادةٍ تُوجب للشيء كونَه مكروهاً، وهم من تقدم ذكره من المعتزلة.
  (لنا) عليهم (ما مَرَّ) من بطلان ذلك.
  (و) هو تعالى (مريد لفعل الطاعات وترك المقبحات) أي: أمر بالطاعات ونهى عن المقبحات.
  قال الإمام يحيى # في الشامل: اتفق أهل القبلة على أن الله تعالى مريد