عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[إثبات الإرادة للعبد ومعناها]

صفحة 311 - الجزء 1

  لاستحالة الإرادة الحقيقية التي هي النِّيَّة والضمير في حقه تعالى كما ذكرنا. وأما قياسهم له جل وعلا على المخلوق ففاسد.

  ثم نقول: الأمارةُ من قولٍ أو فعلٍ أو غيرِهما تُرشِدُنا إلى المراد من قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ} ومن الصيغة الصالحة للأمر والتهديد والإباحة ولا يحتاج إلى الضمير ونحوه مما زعموا، كما أرشدتنا إلى المراد من خطاب المخلوقين؛ لأنَّا لا نعلم ما في الصدور، وأما التقسيم الذي ذكروه في الخبر وفي صفاتِهِ على زعمهم فهو مبنيٌّ على أصلٍ فاسدٍ، وهو تأثير المؤثرات غير⁣(⁣١) الفاعل المختار، وعلى أن الكلام من قبيل الذوات لا من قبيل الصفات وقد مَرَّ بطلانه⁣(⁣٢)، وأن الكلام صفة لمن قام به كالألوان وجميع الأعراض على ما مَرَّ ذكره، والله أعلم.

[إثبات الإرادة للعبد ومعناها]:

  قالت (العدلية) جميعاً: (وللعباد إرادةٌ يُحدثونها) لمصالح أنفسهم ويتصرفون بها لمنافعهم ودفع مضارهم بها يستحقون المدح والذم، ويجب تقدمها، وهي لا توجب المراد ولا تُوَلِّده كالقدرة.

  وقالت (المجبرة: لا) أي: ليس للعباد إرادة يُحدثونها.

  (قلنا: لا ينكرها عاقل)؛ إذ هي معلوم حصولها على حَدِّ حصول أفعالهم المرادات؛ فإنكارها إنكار للضرورات⁣(⁣٣)، (وقد) أكد هذه الدلالةَ السمعُ حيث (قال الله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً}) [المزمل: ١٩] فَنَسَبَ المشيئة - وهي الإرادة - إلى العبد.

  (وقال تعالى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً}) [النساء: ٦٠]


(١) في الأصل: من غير. وفي (أ، ب): غير.

(٢) قد تقدم ذلك في فصل: حدوث العالم، في سياق شرح قول الإمام #: قلنا: هذا هو المحال؛ لأن كمون الشيء في نفسه لا يعقل. من هامش (ب).

(٣) في الأصل: للضرورة، وما أثبتناه من (أ، ب).