فرع: [المستدل على الله دليل عليه]:
  (فإنه يعلم أن له) أي: لذلك البناء (بانياً) بناه على تلك الكيفية (وليس ذلك) أي: العلم ببانيه (إلَّا بالقياس على ما شاهده من المبنيات المصنوعة بحضرته) أي: بمشاهدته؛ (لعدم المشاهدة منه لبانيه، وعدم المُخبِرِ عنه، والجامعُ بينهما) أي: بين ما بُني بحضرته وما لم يُبْنَ بحضرته (عدمُ الفارقِ) بين البناءين.
  قلت: [وقد عرفت(١)] أنهم لا ينكرون حصول العلم به، ولكنهم جعلوه ضروريّاً أوليّاً لا قياسيّاً(٢)؛ لعدم تحقق العلة كما عرفت.
  (ولوروده) أي: القياس العقلي (في السمع كقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}[يس: ٧٩]، (ونحوها)، مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} ... الآية إلى قوله [تعالى]: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٥ ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٦ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا ..} الآية [الحج] - فإن في هذه الآيات دلالةً وتنبيهاً على القياس العقلي، وهو قياس النشأة الأُخرى - إن وقع فيها الريب - على النشأة الأُولى، وعلى الأرض الميتة، وهي الغبراء التي لا نبات فيها ولا شجر.
  قلت: ولعلهم لا يخالفون في هذا، والله أعلم.
فرع: [المستدل على الله دليل عليه]:
  (ووجود المُستدِل على الله سبحانه لازم لوجود الدليل) أي: يستحيل وجود المُسْتَدِلِّ على الله سبحانه ولا يوجد الدليل على ذلك(٣)؛ (لأن وجوده) أي: المستدِل (هو نفس الدليل)، ففي وجود نفس المُسْتَدِلِّ على اللهِ سبحانه
(١) ساقط من الأصل، وثابت في (أ، ب).
(٢) في الأصل و (ب): قياساً.
(٣) في (ش ك): «عليه سبحانه»، وهي أولى من: «على ذلك».