(كتاب المنزلة بين المنزلتين)
(كتاب المنزلة بين المنزلتين)
  ومعنى ذلك الشيء بين الشيئين في العُلُوِّ والانحطاط؛ لأن مرتكب الكبيرة له حكمٌ بين الحكمين واسمٌ على ما زعموه بين الاسمين، وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى، ولَمَّا كان ذلك يستدعي معرفة المنزلتين ذكرهما فقال #: قال (أئمتنا $ والجمهور: والمعاصي صغائر وكبائر) فالكبائر: ما يستحق فاعلها العقاب الدائم إنْ لم يَتُبْ. والصغائر: هي التي تكون مُكَفَّرَةً في جنب الطاعات أو مطلقاً.
  وقالت (الخوارج والإسفراييني) من المُجبرة (وموافقوه(١): بل) كل المعاصي (كبائر فقط).
  أما الخوارج فلأن كل معصية عند بعضهم تُوجب الكفر، وعند بعضهم كل ما ورد فيه وَعِيْدٌ أَوْجَبَ الكفر، وعند بعضهم: كل ما ثبت في العقل تحريمه ففعله كفر، ولا صغيرة عندهم جميعاً.
  وأما الإسفراييني فهذه رواية صاحب الفصول عنه، ولعله يقول: إنها كبائر وإن جَوَّزَ العفو عنها أو عن بعضها، والله أعلم.
  (لنا قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا}[النساء ٣١] فأفهَمَ قوله تعالى: {كَبَائِرَ} أنَّ في العصيان صغائر، وأكَّده بقوله [تعالى(٢)]: {نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}. وقوله تعالى: {لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا}[الكهف ٤٩]، وغير ذلك.
  فإن قيل: الصغائر لا يُعاقب عليها فالمراد حينئذٍ في معنى الآيتين ما اعتقدوه صغيراً وهو في نفس الأمر كبير.
(١) في الأصل: «وموافقوهم». وما أثبتناه من (أ، ب).
(٢) ناقص في الأصل و (أ)، وثابت في (ب).