(فصل) في ذكر الآلام وما في حكمها، وما يتعلق بها من الأعواض، ووجه حسنها
  مما خلَّى الله بينه وبين ما(١) قتله أو جرحه من سائر السباع والطيور ونحوها، وتلك المصالح (يعلمها الله تعالى)؛ لأنه سبحانه الحكيم العليم العدل، (فهي) أي: الإباحة والتَّخلية (كالفصد) الذي يُصار إليه؛ لدفع مضرَّة أعظم أو لجلب منفعة تدفعُ ألم الفصد وتزيدُ عليه.
(فصل) في ذكر الآلام وما في حكمها، وما يتعلَّق بها من الأعواض، ووجه حسنها
  والذي في حكمها: هو الغمُّ، فإنه يُستحق عليه العوض كما يُستحق على الألم.
  قال #: (والألم) الحاصل في الحيوان (من فعل فاعل) قطعاً، وهو إمَّا الله سبحانه أو العبد.
  وقالت (الطبائعية) الذين زعموا أن التأثير في الحوادث للطبع: (بل الألم) الذي ليس من العبد حاصل (من الطبع) وانحراف الأمزجة وتغيرها.
  (قلنا: لا تأثير لغير الفاعل كما مرَّ) في فصل المؤثرات، والطبع ليس فاعلاً مختاراً إنْ سَلَّمنا أنه معقول.
  اعلم أن الآلامَ سببُ ضلال كثير من الفرق، والخلافُ فيها بيننا وبين فرق الكفر من الثنوية والطبائعية، فالثنوية فرقتان: المجوس، وأصحاب النور والظلمة، ذكره الإمام المنصور بالله #، قال: وأصل أهل المقالة بالطبع ثلاث فرق، وهم يتشعبون إلى فرق كثيرة؛ لاختلافهم في فروعٍ لهم لا وجه لتطويل الكلام بذكرهم هاهنا؛ لأنَّا إذا قطعنا مقالة أهل الأصول انحسم خلاف أهل الفروعِ. قال: ولا خلاف نعلمه بين أهل الإسلام في أن الآلام والمحن الخارجة عن مقدور العباد لا فاعل لها إلا الله سبحانه، إلَّا ما يذهب إليه طائفة من المطرفية، وقد طابقهم على ذلك ممن ينتسب إلى الإسلام الباطنيةُ، إلا أن آباءنا $ لا يذكرون خلافهم في خلاف فرق الإسلام؛ لإلحادهم في أسماء الله تعالى.
(١) في الأصل: من. وفي (أ، ب): ما.