(فصل:) في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  وفي تكذيب أهل هذا القول نزل قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}[آل عمران: ١٨١].
  (قلنا) في الجواب عليهم: (لم يُجبر الله تعالى) أي: لم يُقْسِر (مَنْ عصاه) على طاعته وقد أمرهم بطاعته، فلو كان تعالى محتاجاً إلى الطاعة لأجبرهم عليها مع قدرته على ذلك، (ولم يُوجِدْ كلَّ الأشياء دفعةً) فلو كان تعالى محتاجاً إلى الأشياء لأوجدها دفعةً (مع القدرة على إجبار من عصاه، وعلى إيجاد كل الأشياء دفعة، و) مع (عدم المانع) له تعالى عن ذلك؛ (فدل ذلك على غناه) جل وعلا.
  (وأيضاً لا يحتاج إلَّا ذو شهوة أو نفار، و) الشهوة والنفار من أوصاف الأجسام؛ إذ (هما عَرَضان لا يكونان إلا في جسم، والله تعالى ليس بجسم؛ لِمَا) قد تقرر في أثناء ما تقدم وما (يأتي إن شاء الله تعالى).
  وتحقيقه: أن الحاجة هي المنفعة ودفع المضرة، ولا يُفهم منها أمرٌ سوى ذلك، والمنفعة: هي اللذة وما يتبعها من فرح وسرور. والمضرة: هي الألم وما يتبعه من غَمٍ وحزنٍ، والألم واللذة عليه - تعالى - محالان؛ لأنهما عَرَضان لا يكونان إلا في جسم.
  وأيضاً الشهوة والنفرة لا يجوزان إلا على من تجوز عليه الزيادة والنقصان، والزيادة والنقصان إنما يكونان في الأجسام.
(فصل:) في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  وهو شروع منه # فيما يجب نفيه عن الله تعالى.
  قالت (العترة $ وصفوة الشيعة والمعتزلة وغيرهم) من سائر الفرق وهو قول الصحابة والتابعين ودينُ جميع الأنبياء والمرسلين: (والله تعالى لا يشبه شيئاً من خلقه)، قال أمير المؤمنين # في كتاب نهج البلاغة: (ما وَحَّدَهُ منْ كيَّفه، ولا حقيقَتَه أصاب من مثَّله، ولا إياه عَنَى من شبَّههُ، ولا صَمَدَهُ من أشار إليه وتَوَهَّمَهُ، كلُّ معروفٍ بنفسه مصنوع، وكلُّ قائمٍ في سواه معلول، فاعل لا باضطرابِ آلةٍ، مُقدِّر لا بِجَوَلَانِ فكرة، غنيٌّ لا باستفادة، لا تَصحَبُهُ الأوقات، ولا تَرفِدُهُ الأدواتُ،