(فرع): [صفات العالم توصف بأنها محدثة]:
  يخلقها شيئاً، ولا يقدر على جعلها شيئاً، وليس لله تأثير إلا في صفتها الوجودية، وهذه الصفة عندهم أمر زائد على ذات الموجود لا هي شيء ولا لا شيء، وأما الذوات فلا تأثير لله بزعمهم في إثباتها وجعلِها ذواتاً، ولنا عليهم ما ذكرنا من الأدلة العقلية والآيات القرآنية، انتهى كلامه #.
(فرع(١)): [صفات العالم توصف بأنها محدثة]:
  قال (جمهور أئمتنا $) وهم القدماء منهم (والجمهور) من غيرهم: (وصفاتُ العالَم) من كونه موجوداً، محدَثاً، متحيزاً، تحله الأعراض، ونحو ذلك، وكذلك صفات الأعراض من كونها قائمةً بغيرها، ومنتقلةً، وحالَّةً في غيرها، ونحو ذلك (توصف بأنها محدثة)؛ لأنها لم تتقدم الموصوف؛ فكما يوصف العالم بأنه محدث فكذلك صفاته.
  وقالت (الأموريَّة) وهم الذين يقولون: إن الصفات أمور زائدة على الذات، وقد عرفت أن الأمور والمزايا والأحوال بمعنى واحدٍ وإنما هو مجرد اصطلاح في اختلاف العبارة؛ لأنها لا هي الموصوف ولا غيره، ولا شيء ولا لا شيء في الشاهد والغائب عندهم، وإنما هي اعتبارية كما سيجيء إن شاء الله تعالى - فقالوا: (الصفات لا توصف رأساً) لا صفات العالَم، ولا صفات الله تعالى.
  قلنا: إن أردتم بالصفات ما زعمتموه من الأمور ونحوها الزائدة على الذات التي لا هي الموصوف ولا غيره، ولا شيء ولا لا شيء - فهي إذاً عدم محض؛ لأن ذلك لا يُعقل ولا يوجد، وإن أردتم بالصفةِ الأعراضَ القائمةَ بالأجسام - كما هو قولُنا - وأن المراد بأنها لا توصف: أنه لا يقوم بها غيرُها فتكون محلولة؛ لأنه يؤدي إلى أن تكون موصوفة وهو قلب ذواتها وهو محال - قلنا: ذلك مسلَّم في صفات الأجسام القائمة بها - أي: الحالَّة فيها - بمعنى أنا لا نجعلها موصوفة - أي: محلولة -؛ لأنه
(١) يتفرع على كون العالَم محدثاً. (ش ك).