(فصل:) [ويصير المكلف كافرا بخصلة واحدة من خصال الكفر]
  وأما الاصطلاح فهو غير الشرع، والله أعلم.
  (والعصيان لغة: مخالفة الآمر والناهي ولو) كانت المُخالفة (خطأً) فإنها تُسَمَّى عصياناً؛ (لِما مَرَّ) في ذكر خطايا الأنبياء $ وغيره(١) من أن الخطأ والنسيان معصية ولو كانت مُكَفّرةً.
  (والظلم: إنزال مضرة مجردة) أي: خالية (عن جلب منفعة) يحترز من التأديب (أو دفع مضرة فوقها) أي: أعظم منها، يحترز من الفصد والحجامة ونحوهما. ويزاد: «أو استحقاق» ليخرج القصاص فإنه ليس بظلم، وسواءٌ كانت تلك(٢) المضرة المُجردة عن النفع والدفع والاستحقاق (بالنفس) كأن يُؤْلِمَ المرءُ نفسه أو يقتلها (أو بالغير) كأن يلطم غيره أو يقتله.
(فصل:) [ويصير المكلف كافراً بخصلة واحدة من خصال الكفر]
  قال (أئمتنا $ وجمهور المعتزلة: ويصير المكلف كافراً) أي: كفر جحود (بخصلة واحدة من خصال الكفر؛ لِما يأتي إن شاء الله تعالى) من الأدلة في باب التكفير والتفسيق، بخلاف الإيمان؛ فلا يصير المكلف مؤمناً بخصلة واحدة من خصال الإيمان.
  قال النجري: فإن قيل: فما الفرق؟ فإن المؤمن والكافر اسما فاعلٍ، واسم الفاعل مُشتق من فعله قَلَّ أو كَثُرَ، كالضارب لمن فعل ضرباً مّا، وقد جريتم على القياس في الكافر؛ إذ سمَّيتموه كافراً بخصلة واحدة من خصال الكفر، وخالفتموه في المؤمن؛ إذ حكمتم أن لا يكون مؤمناً ولو فعل خصالاً كثيرةً من الإيمان؟
  قال: والجواب أن المؤمن والكافر وإن كانا في الأصل مشتقين، لكنهما قد صارا في الشرع غير مشتقين، بل اسمين لمن يتصف بصفات مخصوصة، فالمؤمن اسم لمن يستحق الثواب، والكافر لمن يستحق أعظم العقاب، فمن فعل خصلة
(١) في الأصل: وغيرهم. وما أثبتناه من (أ، ب).
(٢) «تلك»: مثبت من (أ).