(فصل): في ذكر شفاعة النبي ÷
(فصل): في ذكر شفاعة النبي ÷
  ولا خلاف بين الأمة في ثبوتها، وأجمعت الأمة على أن المقام المحمود الذي وعد الله به نبيه ÷ يوم القيامة هو الشفاعة المقبولة، ولا اعتداد بخلاف المطرفية في إنكار شفاعته ÷ - قالوا: لأنه إن شفع في واجب فالله يفعله من غير شفاعة، وإن شفع في تفضل فهو لا يجوز؛ لأنه يجب عليه المساواة بين خلقه وإلَّا كان محاباة - لما تقدم من الرد عليهم، ولخروجهم من الأمة بكفرهم.
  واختلفوا في المستحق لها، فقال (أئمتنا $ وجمهور المعتزلة: وشفاعة النبي ÷ لأهل الجنة من أمته يُرَقِّيهم الله بها من درجة) كانوا [فيها](١) (إلى) درجةٍ (أعلى منها، ومن نعيم) صاروا إليه (إلى) نعيم (أسنى منه) وأعظم.
  (وأما من أدخله الله النار فهو خالد فيها أبداً) أي: دائماً دواماً لا انقطاع له.
  وذهب الشيخ أبو الهذيل إلى أنها إنما تكون لأهل الصغائر من المؤمنين؛ ليرد اللهُ ما انحبط من ثوابهم.
  وذهب بعض المعتزلة أيضاً إلى أنها [تكون](٢) لمن استوت حسناته وسيئاته فيدخل الجنة بالشفاعة. وقد مَرَّ إبطال استواء الحسنات والسيئات في فصل الإحباط.
  وذهبت المجبرة إلى أن الشفاعة لا تكون إلَّا لأهل الكبائر ليُعفى عنهم ويدخلوا الجنة تَفَضُّلاً، قالوا: لأن موضوعها دفع المضرة فقط. قالوا: وإلا لزم أن يكون دعاؤنا للرسول ÷ والملائكة شفاعة لهم، والإجماع منعقد على أنَّا غير شافعين لهم.
  قلنا: الشفاعة في اللغة: ما أراد بها فاعلها الحث على المطلوب، والداعي للرسول ÷ لم يقصد الحث على إكرامه ÷ لأنه يعلم أن الله تعالى مُكْرِمٌ له سواءٌ طلب ذلك أم لم يطلبه، وإنما قصد تحصيل إكرام نفسه بفعله ما أُمر به من
(١) في (أ): «يستحقونها».
(٢) «تكون» ساقط في (أ).