عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[دليل الاختلاف]

صفحة 139 - الجزء 1

[دليل الاختلاف]:

  قال #: (وأيضاً) أي: نرجع رجوعاً إلى الاستدلال بدليل آخر، من آض، أي: رجع، فنقول: (هما) أي: السماوات والأرض (مختلفتان) في الشكل والهيئة والارتفاع والانخفاض، وكون إحداهما للنبات وأرزاق المخلوقات، والأخرى مجرى للفلك والنجوم والشمس والقمر ونحو ذلك، (فاختلافهما لا يخلو: إمَّا أن يكون للعدم) أي: أَثَّرَ فيه العدم، (أو لِعِلَّةٍ)، كما يزعم مثبتوها، إن قُدِّرت وفُرضت (فرضاً) على استحالة تأثيرها كما سبق، (أو لفاعلٍ) مختارٍ، (ليس) القسم (الأول) وهو العدم؛ (لأن العدم لا تأثير له) عند العقلاء، (ولا) هو (الثاني) وهو العلة المفروضة المقدرة؛ (لأن تأثير العلة تأثير إيجاب بزعمهم) أي: بزعم من زعم أن العلل تُؤثر كما سبق ذكره عنهم.

  (فلو كان كذلك) أي: لو كان المؤثر هو العلة (لوجب) أي: لجاز (أن تكون السماء أرضاً والعكس) أي: الأرض سماءً، (و) لجاز أن تكون (السفلى من السماوات عُليا والعكس؛ إذ ما جعل إحداهما أرضاً والأخرى سماءً ونحو ذلك) كالسفلى عُليا والعكس (بأولى من العكس؛ لعدم الاختيار) من المؤثر كما تقدم، (فثبت أنه) - أي: الاختلاف المذكور - (لفاعلٍ) قادرٍ حيٍّ مختارٍ حكيمٍ عليمٍ.

  وأيضاً فإنا وجدنا في تضاد الظُّلْمة والنور واختلاف الليل والنهار من الحكمة الباهرة والنعمة الشاملة لجميع الخلق⁣(⁣١) البالغة ما يضطر ذوي العقول أن ذلك لفاعل مختار قاصد للحكمة والنعمة، فإذا تأملت العالم وجدته كالبيت المبني المعتد فيه جميع عَتَاده، فالسماءُ مرفوعة كالسقف، والأرض ممدودة كالبساط، والنجومُ منضودة مُعلَّقة كالقناديل، والجواهرُ مخزونة في معادنها التي جُعلت لها كالخزائن، والإنسانُ كالملك المُخوَّل لجميع ما في البيت من ضروب النبات والحيوانات، وهي مُهَيَّأَةٌ كلها مصروفة في مصالحه مُعَدَّة لمنافعه.


(١) في الأصل: الخلائق.