[وجه حسن الآلام من العبد]
  والاعتبار (لا للعوض) فلا عوض لصاحب الكبيرة؛ لمنافاته العقاب، (خلافاً لرواية الإمام المهدي) أحمد بن يحيى (# عن العدلية) فإنه رَوَى عنهم أنه لا بُدَّ في جميع الآلام ونحوها من العوض والاعتبار في جميع المؤلَمِين والْمُمْتَحَنِيْن، فالعوض يدفع كونه ظلماً، والاعتبار يدفع كونه عبثاً.
  (لنا) حجة عليهم (قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} ... الآية) [فاطر: ٣٦]، فلو كانت لهم أعواض لكانت مُخَفِّفَةً من العذاب وإلَّا فلا فائدة إذاً فيها، (و) لنا (قوله تعالى:) {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ (وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ}) [الأعراف: ٤٠]، فهذه الآية نصٌّ في عدم دخولهم الجنة؛ (فلا عوض) لأهل الكبائر (حينئذٍ).
  وقالت (المجبرة: يحسُن) الألم من الله لكل أحد (خالياً عن جميع ما ذُكِرَ) بناءً على قاعدتهم المُنْهَدَّةِ: أنَّ الله تعالى يفعل كلَّ ظلمٍ وقبيحٍ ولا يقبُح ذلك منه، تعالى عن ذلك.
  (قلنا: ذلك ظلم)؛ لأنه عارٍ عن جلب نفع للمؤلَمِ أو دفع ضرر عنه أو استحقاق، وهذه صفة الظلم ({وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}).
  وهذه الوجوه المذكورة في حسن الآلام حيث كانت من الله تعالى.
[وجه حسن الآلام من العبد]:
  (و) أمَّا حسنها(١) إن كانت (من العبد) فهي تحسُن منه لأمورٍ:
  (إما عقوبة) للظالم لغيره (كالقصاص) فإنه يحسن قتل المتعدِّي قصاصاً؛ لأنه عقوبة، (أو لظن حصول منفعة كالتأديب) للصبي والعبد والمرأة فإنه يحسن لمنفعة المؤدَّب: إمَّا لدينه أو لدنياه أو لهما معاً، (أو لدفع مضرَّة) أعظم منه (كالفصد والحجامة) والكيِّ ونحوها، كشرب الدواء الكريه - فإن ذلك كله حسن؛ لأنه
(١) في الشرح الكبير والمتن أيضاً: وتحسن من العبد.