فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في السنة وأقسامها

صفحة 101 - الجزء 1

  أو لا يكون، فالأول: يجب بلفظه والثاني: إن رواه بلفظ أعم أو أخص أو أوضح أو أخفى، لم يجز، وَوَجَبَ بلفظه وإلا جاز بالمعنى.

  قلتُ: تجويز الرواية بالمعنى أوقعَ الغلطَ في الأحاديث كما قال قاضي القضاة: من أَجْلِ الرواية بالمعنى وقع كثير من الغلط في الأحاديث؛ لنقل كثير من الرواة للأحاديث على حسب ما يعتقده في معناها، فنقلها بالمعنى الذي يعتقده فيقع الخطأ في ذلك، كما روي أن أبا موسى العَنَزِيَّ المعروف بالزمن شيخ البخاري قال يومًا: «نحن قوم لنا شرف قد صلى إلينا النبيُّ ÷»⁣(⁣١) يريد حديث أنه ÷ صلى إلى عنزة وَتَوَهم أنه صلى إلى قبيلتهم وإنما العَنَزَةُ: حربة وَهِيَ بفتح النون والزاي، ذكر ذلك الدارقطني⁣(⁣٢)، وما ذكره الحاكم: أن أعرابيًا زعم أنه ÷ كان إذا صلى نصب بين يديه شاة فبدل معنى الكلمة أعني عنزة وحرَّف صورتها حيث أسكن النون، وكما في حديث عائشة من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال فصحفه [بالشين و] بالياء المثناة تحت⁣(⁣٣)، ومثل حديث «ولد الزنا شر الثلاثة» فيرويه بلفظ عام وهو لمعين⁣(⁣٤)، ومثل حديث يا «أبا عمير ما فعل النُّغَيرُ» صحفهُ بعضهم بفتح العين وكسر الميم وصحف النغير بالبعير بمعنى الجمل، والنُّغَير: بضم النون وفتح الغين المعجمة مصغرًا، وكذا عمير مصغرًا، أخرجه الترمذي في الشمائل والنغير: طائر معروف، ومثل حديث جابر ¦: «رُمِيَ أُبِيٌّ يوم الأحزاب على أكحله فكواه رسول الله ÷» صحفه بعضهم وقال فيه: أَبِيْ بالإضافة، وإنما هو أُبيُّ بن كعب، وأبو جابر⁣(⁣٥) كان قد استشهد قبل ذلك في أُحدٍ وغير ذلك مثل حديث كشفنا عن حجر حجر فكشف رسول الله ÷ عن حجرين صَحَّفه أكثر الرواة بالراء المهملة وإنما هو بالزاي المعجمة نبه عليه ابن حزم⁣(⁣٦) وذكره الوالد الحسن بن إسحاق في شرح منظومته للهدي النبوي وفي مختصر الشمائل، قوله غفر الله له:


(١) أحمد ٤/ ٣٠٨، والبخاري ٢/ ٢٥، ٩٧٣، ومسلم ٢/ ٥٥ (٥٠١، ٢٤٦)، وابن ماجة ١٣٠٤.

(٢) النسائي في السنن الكبرى ١٠/ ٥٨ رقم (٢٠٤٨٢)، والحاكم ٢/ ٢٣٣ رقم (٢٨٥٣).

(٣) شيئًا.

(٤) لمعين: أي لولد زنية معين.

(٥) أبو جابر: عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة المخزومي، أعلام الزركلي ٤/ ١١١.

(٦) ابن حزم: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري (ت ٤٥٦ هـ) أعلام الزركلي ٤/ ٢٥٤.