انقسام القياس باعتبار قوته
  كقياس الأَمَةِ(١) على العبد في سراية العتق في قوله ÷: «من أعتق شِرْكًا له في عبدٍ وكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّمَ عليه قيمة عدل»(٢) فإنا نقطع بعدم اعتبار الشارع الذكورة والأنوثة فيهما ولا فارق بينهما سوى ذلك، والقسم الثاني: الخفي: وهو ما لم يقطع فيه بنفي الفارق بل قامت على نفيه أمارة ظنية وهو ما تجاذبته أصول مختلفة الحكم يجوز رده إلى كل مِنْهُا ولكنه أقوى شبهًا بأحدها، وذلك كقياس الوضوء على الصلاة في وجوب النية بجامع كون كل مِنْهُما عبادة وقد جاذبه أصل آخر وهو إزالة النجاسة بجامع كونه طهارة بالماء فلا تجب فيه النية كما تقول الحنفية، لكنه أقوى شبهًا بالصلاة لكونه شرطًا في صحتها فيقاس عليها، وسميَ خفيًا: لافتقاره إلى النظر في ترجيح أي الشبهين أقوى، قوله:
  ٢٢١ - وَهَكَذَا إِلى قياسِ عِلَّةٍ ... مُنقسمٍ ثُمَّ إلى دَلَالَةٍ
  ٢٢٢ - وَتَارةً يَأتِيْ بِمَعْنَى الأَصلِ ... فاحرصْ على ما قُلتُ يا ذا العقل
  أي ومثل انقسامه إلى جليِّ وخفي ينقسم باعتبار المعنى الجامع إلى قياس علة وقياس دلالة وقياس بمعنى الأصل، ووجه انحصاره في الثلاثة أن يقال: إنه إما أن يكون بذكر الجامع أو بإلغاء الفارق، فإن كان بذكر الجامع فإمَّا أن يكون المذكور المصرح به هو العلة نفسها فهو قياس العلة سواء ثبتت العلة بنص أو غيره كقياس النبيذ على الخمر بجامع الإسكار وإما أن يكون المذكور وصفًا ملازمًا لها(٣) كقياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة(٤) فإن اشتراك الخمر والنبيذ في الرائحة يدل على المشاركة في الشدة المطربة، أو حكمًا من أحكامها(٥)، كقياس قطع الجماعة بواحد على قتلها به عليه بجامع اشتراكهما في وجوب الدية عليهم فإن وجوب الدية حكم بجناية العمد العدوان التي هي العلة، فوجوده دليل على وجود العلة وسمي قياس دلالة، لدلالة الجامع على العلة وحاصله:
(١) فالفرع: الأَمَةُ، والأصل العَبْدُ، والجامع العِتْقُ، انتهى حاشية بقلم المؤلف | ص ٨٨ (خ).
(٢) التجريد ٣/ ٩٤، السنن الصغرى للبيهقي رقم (٣٤٤١) ج ٣/ ١٣٥، وهو في سننه الكبرى رقم (٢١٨٥٦، ٢١٨٥٨)، والنسائي ٣/ ١٨٤ رقم (٤٩٥٧)، والموطأ رقم (١٤٦٢)، وأبو داود رقم (٣٩٤٢، ٣٩٤٥، ٣٩٤٨)، والبخاري رقم (٢٣٥٩ إلى ٢٣٨٦)، ومسلم رقم (٤٤١٥ و ٤٤١٦).
(٣) أي للعلة: تمت مؤلف ص ٨٨ (خ).
(٤) فالشدة المطربة: علَّةٌّ والرائحة وصفٌ ملازمٌ لها تمت مؤلف ص ٨٨ خ.
(٥) أي: العلة.