انقسام القياس باعتبار المشاركة في العلة
  إثبات حكم في الفرع كالدية مثلًا لوجود حكم آخر في الأصل كالقصاص مثلًا توجبهما علة واحدة كالجناية العمد العدوان، فنقول: قد ثبت هذا الحكم في الفرع لثبوت الآخر فيه فهو ملازم له، وقد جمع بين الأصل والفرع، بأحد موجبي العلة الدية والآخر في الأصل وهو قتلها به لوجوده في الفرع ومرجعه إلى الاستدلال بأحد الموجبين على العلة وبالعلة على الموجب الآخر، لكنه اكتفي بذكر الموجب للعلة عن التصريح بها، ففي ما مثلناه الدية والقصاص موجبان للعلة التي هي الجناية العمد العدوان، وقد وجد في الفرع الذي هو القطع أحدهما وهو الدية فيوجد الآخر وهو القصاص عليهم، لأنهما مُتَلَازِمَانِ لاتحاد علتهما وحكمهما، وكذا التحريم والرائحة: يوجبهما في الأصل علة واحدة وهو الإسكار، وقد وجد في الفرع أحدهما فليوجد الآخر؛ للتلازم، وإن كان بإلغاءِ الفارق كما، تجمع بين الأصل والفرع فبنفي الفارق بينهما من دون تعرض لوصف هو العلة فهو الذي بمعنى الأصل كقصة المواقع أهله في نهار رمضان فبنفي كونه أعرابيًا فيلحق به الزنجي والهندي مثلًا وبنفي كون المحل أهلًا أي زوجته فيوجب الكفارة في الزنا وبنفي كونه رمضان تلك السنة فيلحق به الرمضانات الأُخَر، وذلك أن يقال: لا فرق بين كونه أعرابيًا أو غيره. وسواءً جامع زوجته أو غيرها، وسواءً كان رمضان تلك السنة أو غيرها فهذا بمعنى قياس معنى الأصل، قوله:
انقسام القياس باعتبار المشاركة في العلة
  ٢٢٣ - وَهَكَذا يَأتي بغيرِ لَبْسِ ... قِيَاس طردٍ وقياسَ عَكْس
  أشار الناظم إلى انقسام القياس باعتبار المشاركة في العلة، وهو ينقسم بالاعتبار المذكور إلى قياس طرد وهو: إلحاق فرع بأصل لاشتراكهما في العلة الجامعة كقياس النبيذ على الخمر لاشتراكهما في الإسكار، وأكثر القياس طردي، وقياس عكس: وهو تحصيل نقيض حكم الأصل في الفرع لافتراقهما في العلة كما في حديث مسلم وهو قوله ÷ لبعض أصحابهِ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فكأنهم قَالُوا: نعم. فقال قَالَ: «كَذَلِكَ إِذَا هُوَ وَضَعَهَا فِى الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ»(١) فالأصل: وضعها في الحرام،
(١) مسلم ٢/ ٦٩٧ برقم (١٠٠٦).