فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في القياس ماهيته وأقسامه وأركانه

صفحة 153 - الجزء 1

  حكم جملي ومثل هذا مهازلة في الدين، مثاله: لو قال قائل البيع شرعي فاعتبر فيه شرائط لصحته قياسًا على الصلاة، والعلة كونهما شرعيين والله أعلم، قيل وهذا الشرط يختص بقياس الطرد لأن الثابت بقياس العكس خلاف حكم الأصل كما تقدم، الثالث: مساواة الفرع لأصله في التغليظ والتخفيف والعزيمة والرخصة لأن مَبنى القياس على اعتبار الشبهِ، ومع الاختلاف في ذلك لا شبَه بينهما معتبر، فليس قياس أحدهما على الآخر بأولى من الفصل بينهما، فالحال بينهما كالحال بين علتين متعارضين فليس تعليق الحكم على إحداهما بأولى مِنْهُ على الأخرى.

  اعلم أن في اشتراط عدم مخالفة الفرع للأصل تخفيفًا أو تغليظًا، بمعنى ألَّا يكون أحدهما مبنيًا على التغليظ كالوضوء وغسل الرجلين والآخر مبنيًا على التخفيف كالتيمم والمسح على الخفين أقوالًا: أحدها: ما ذكره الناظم، وهو الاشتراط لذلك لما ذكرناه في الشرح آنفًا، فلا يقاس التيمم على الوضوء في كون التثليث مسنونًا فيه بجامع كونهما شرطًا للصلاة، ولا المسح على الخفين على غسل الرجلين، كذلك لما ذكرناه وهذا مذهب جماعة مِنْهُم الإمام المهدي أحمد بن يحيى⁣(⁣١) وصاحب الكافل سواءً كانت العلة شبهية أو غير شبهية، وثانيها: عدم الاشتراط لذلك مطلقًا أيضًا، أي سواءً كانت العلة شبهية أو غير شبهية وذلك لعموم الدليل الدال على كون القياس حجة، فمتى حصلت العلة في الفرع بحسب حصولها في الأصل وَجَبَ التسوية بينهما في الحكم والاختلاف في غير ذلك لا يضر وهذا مذهب الشيخ الحسن الرصاص⁣(⁣٢) وعزاه في الفصول إلى أئمتنا والجمهور، وثالثها: عدم الاشتراط، لكن لا مطلقًا، بل مع تأثير العلة أو مناسبتها، أي بأن تكون العلة مؤثرة أو مناسبة في الحكم بحيث يترجح الجمع بها على الفرق بذلك الاختلاف فإنه يصح القياس، فإن كانت العلية شبهية فيشترط عدم الاختلاف تغليظًا أو تخفيفًا، وهذا عند الغزالي وعبد الله بن زيد لضعف العلة الشبهية أو يكون محل اجتهاد عند الشيخ أحمد الرصاص للتعارض بين علتي الجمع والفرق فما قوي مِنْهُما في نظر المجتهد عمل به، مثال ذلك أن


(١) الإمام المهدي: أحمد بن يحيى المرتضى الحسني أحد أعلام أئمة أهل البيت الكرام في اليمن فقيه، أصولي، متكلم، له تصانيف كثيرة وهو أعرف من أن يعرف، ولد بألهان آنس، قضاء ذمار، عام ٧٦٤ هـ، وتوفي سنة ٨٤٠ هـ، وقبره على رأس جبل الظفير قضاء حجة مشهور مزور، مطلع البدور ١/ ٤٨٥.

(٢) هو الشيخ الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن أبي طاهر الرصاص زيدي أوصولي، ولد عام ٥٤٦ هـ وتوفي في هجرة سناع بحدة جنوبي صنعاء في شوال سنة ٥٨٤ هـ، وقبره جوار ضريح القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام مشهور مزور.