فصل في القياس ماهيته وأقسامه وأركانه
  لا، فافهم. ثم أشار الناظم إلى شروط الفرع فقال:
  ٢٣٤ - وَإِنْ تُرِدْ عِلمَ شُروطِ الفَرْعِ ... فَهْيَ ثَلَاثةٌ بِغَيرِ مَنْع
  ٢٣٥ - بِأَنْ يُسَاوِيْ أصْلَهُ في عِلَّتِهْ ... وَحُكْمهِ والغِلْظِ ثُمَّ خِفَّتِهْ
  ٢٣٦ - ولا يكونُ حُكمُهُ قَدْ شُرِعَا ... مِنْ قَبْلِ أَصلِهِ فكنْ مُسْتَمِعَا
  أشار الناظم إلى شروط الفرع وَهِيَ ثلاثة قد بينها بقوله: بِأَنْ يُسَاوِيْ ... إلخ.
  فالأول: أن يساوي الفرع الأصل في ثلاثة أشياء أولها: أن يساويه في علته وتلك المساواة إما في عين العلة كالشدة المطربة في النبيذ المشتركة بينه وبين الخمر وإما في جنس العلة كالجناية في وجوب قصاص الأطراف المشتركة بين القطع والقتل، فالأصل القتل، والفرع القطع والعلة الجناية، فإن المساواة هنا في جنس العلة لكونها مشتركة بين القطع والقتل إذ كل واحد مِنْهُما يسمى جناية بخلاف العلة الأولى، والثاني: أن يساويه في حكمه فيجب أن يكون حكم الفرع مماثلًا لحكم الأصل في عين الحكم أو جنسه، والمراد بالعينية المماثلة في تمام الحقيقة، وإن اختلفا قوة وضعفًا، أما مساواته في عين حكمه فمثاله: قياس القصاص في القتل بالمثقل(١) على القتل بالمحدد بجامع الجناية فحكم الفرع بعينه حكم الأصل وهو وجوب القصاص، وأما الجنس فكقياس إثبات الولاية على الصغيرة في نكاحها على إثبات الولاية عليها في مالها بجامع الصغر فإن ولاية النكاح من جنس ولاية المال، لأنها سبب لنفاذ التصرف وليست عينها لاختلاف التصرفين. فإن قلتَ: ما وجه اشتراط مساواته في الحكم. قلتُ: الوجه في ذلك أن الأحكام إنما شرعت لما تفضي إليه من مصالح العباد فإذا كان حكم الفرع مماثلًا لحكم الأصل، علمنا أنَّ مَا يحصل به من المصلحة مثل ما يحصل من حكم الأصل لتماثل الوسيلة، فوجوب إثباته، وأما إذا اختلف الحكم لم يصح. مثاله: إلحاق الشافعيِّ الذميَّ بالمسلمِ في أن الظهار يوجوب الحرمة في حقه فإن الحرمة في الأصل مقيدة؛ لأن غايتها الكفارة في الفرع مطلقة، لأن الذمي ليس من أهل الكفارة التي فيها معنى العبادة، فاختلف الحكمان فلو قُبلَ مثل هذا القياس لم يعجز مخالف ولا موالف من قياس المسائل المتنافية في الأحكام بعضَها على بعض بأمر يجمعها ويقاس فيها حكم جملي على
(١) أي قَتَلَهُ بِحَجَرٍ ونحو: ها دُوْنَ آلةِ القتل المعتادة، والله أعلم.