بيان شروط العلة
  المعلول وقع لأجلها وَهِيَ العلة الغائية كالجلوس على السرير، وإلا فالشرط إن كان وجوديًّا كالحبال للسرير أو ارتفاع الموانع كإزالة الاعوجاج في الخشب إن كان عدميًّا، مثال آخر: الصلاة أَجزاؤها من الركعات والسجدات وغيرها علة مادية، وهيئتها المتركبة من تلك الأجزاء علة صورية، والمصلي علة فاعلية وكون أدائها للوجوب علة غائية وكونها توجد بوجوده سمي شرطًا كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة إن كان وجوديًّا كما مثلنا وكإزالة النجاسة إن كان عدميًّا، وأما في اصطلاح الأصوليين فقد أشار إليها الناظم بقوله: وصفٌ ... إلخ: فقولنا: وصف: وذلك كالإسكار فإنه وصف، نِيْطَ به: أي قرن به حكم شرعي وهو التحريم وخرج بقولنا: الحكم الشرعي: ما يُنَاط به الحكم العقلي كتعليل قبح الظلم بكونه ظلمًا والكذب بكونه كذبًا وهو تعليل الشيء بوجهه كما هو مبسوط في علم الكلام.
  واعلم أنه قد يعرف وجه حكمة تعليقه بالعلة وقد لا يعرف، وذلك كتعليق تحريم الخمر بالإسكار فوجه الحكمة فيه ظاهر: وهو حفظ العقل المؤدي ذهابه إلى الفساد وترك الصلاة وذهاب الأموال والنفوس، ومثال مالا تعرف فيه الحكمة كتحريم الربا في البر بالطعم عند (قش)(١) فإنه لا يعلم لأي معنى أوجب الطعم في تحريم الربا، قوله:
  ٢٤٠ - وقد يُسَمّى باعثًا وداعِيًا ... وَحامِلًا مُسْتَدْعِيا مُقْتَضِيَا
  ٢٤١ - مُؤَثِّرًا أمَارَةً وسببًا ... وصحةً وجامِعًا وَمُوْجِبَا
  ٢٤٢ - ثُمَّ مَحَلًا مُؤْذِنًا ومُشْعِرَا ... مصلحةً وحِكْمَةً بِلَا مِرَا
  ٢٤٣ - ثُمَّ دليلًا وكذا مُضَافَا ... إِلَيْهِ ثُمَّ صَارِفًا وَوَصْفَا
  أشار الناظم إلى أسماء العلة المذكورة عند الأصولين وغيرهم، وما يعبرون به عنها، فتارة يعبرون عن العلة بأنها باعثة على الحكم كالزنا: فإنه باعث على الْحَدِّ وداعٍ لَهُ وسيأتي تفصيل ذلك إذ ليس في ذلك كثير فائدة، قوله:
  ٢٤٤ - وَشَرْطُهَا التأثيرُ مِنْ أَوصَافِهَا ... فِيْ حُكْمِهَا الجَارِيْ عَلَى اخْتِلَافِهَا
  ٢٤٥ - وصَحَّ مِنْ شُرُوْطِهَا أنْ تَطَّرِدْ ... أَيْ كُلُّما تُوجَدَ فالحكمُ وُجِدْ
  ٢٤٦ - وقال بعضٌ إِنَّهَا لَا تَنْعكسْ ... والحقُّ فِيْهَا عَكْسَها فَافْهَمْ وقِسْ
(١) الإمام القاسم والشافعي والله أعلم بالصواب.