فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

السبر والتقسيم وصورهما

صفحة 167 - الجزء 1

السَّبْرُ وَالتَّقْسِيْمُ وَصُوَرُهُمَا

  ٢٧٢ - ثالثُها السَّبْرُ مَعَ التقسِيْمِ ... فاحفظْ سَلَكتَ مِنْهُجَ العُلُوم

  ٢٧٣ - فَحَصْرُ أَوْ صَافٍ أتتْ في الأَصْلِ ... هذا هُوَ التقسيمُ عِندَ العَقْل

  ٢٧٤ - والسَّبرُ بالإِبْطَالِ للتَّعْلِيْلِ ... بِهَا سِوىَ فردٍ فحقِّقْ قَوْلِي

  أشار الناظم إلى الطريق الثالث من طرق العلة وهو السبر والتقسيم وقد أوضح معناه بأن التقسيم: حصر الأوصاف الموجودة في الأصل الصالحة للعلية في بادئ الرأي ومعرفتها بأعيانها، وهذا هو التقسيم، ثم إبطال التعليل بها جميعها إلا واحدًا، وهذا هو السبر، وإنما قدم على التقسيم لتقدمه اعتبارًا؛ لأنه يسبر المحل أوَّلًا: هل فيه أوصاف أو لا؟ ثم يقسم ثم يسبر ثانيًا بأن يبطل تلك الأوصاف إلا ما ادعي عليته مِنْهُا واحدًا كان أو أكثر، فيتعين كونه العلة، مثال ذلك أن تقول في قياس الذرة على البر في تحريم التفاضل: بحثتُ في أوصاف البر فما وجدت ثَمَّ ما يصلح علة للربوية في بادئ الرأي إلا الطعم أو القوت أو الكيل إلا لأنهما لَا يصلحان لذلك عند التأمل، لجريان تحريم التفاضل في النورة والملح مثلًا مع أنها ليست بمعلومة في الملح فيتعين الكيل.

  فائدة: في القاموس: الطُّعُم بالضم: الطعام والقدرة، وبالفتح ما يشتهى مِنْهُ وتَطَعَّمْ: أي ذق حتى تشتهي فتأكل، وأنا طاعم من طعامكم مستغن، قوله:

  ٢٧٥ - وَذَاكَ إِمَّا بِثُبُوْتِ الحُكْمِ ... مِنْ دُونِهِ فَحُطْ بِهِ عَنْ عِلْم

  ٢٧٦ - أَو كانَ وصْفًا واقِعًا طَردِيَّا ... مُعتبرًا إلغاؤهُ مَنْسِيَّا

  ٢٧٧ - أَوْ لم يَكُنْ يظهرُ فيهِ يَافتَى ... تناسبٌ كَمَا بِهِ النَّظْمُ أَتَى

  الإشارة بذاك إلى الإبطال المذكور وكيفيته فهو إما ببيان ثبوت الحكم المعلل في الصورة المطلوبة والضمير في دونه: عائد إلى الوصف أي من دون الوصف المذكور فيعلم حينئذ أن المحذوف لا أمر له وهذه الطريق تسمى الإلغاء، مثاله: القوت باطل لأن الملح ربوي، أو ببيان كون الوصف المحذوف وصفًا طرديًّا بأن يكون من جنس ما علم من الشارع إلغاؤه إما مطلقًا في جميع الأحوال كالسواد والبياض، وإما في ذلك الحكم وإن اعتبر في غيره كالذكورة والأنوثة في أحكام العتق دون الشهادة وولاية النكاح والإرث، أو بعدم ظهور مناسبة الوصف المحذوف وإليه أشار الناظم بقوله: أَوْ لم يَكُنْ ... إلخ: