فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

المناسب الغريب صوره وأقسامه

صفحة 173 - الجزء 1

  الأصل بالنص عليه، فهو مؤثر في حكم الأصل وفي التي بعده الوصف المناسب معتبر في حكم الفرع، فأما في الأصل فهو فيه مؤثر، ومعنى اعتبار الشارع له أنه علل به في الأصل ووجدناه في الفرع، وسواءً كان في عين الحكم أو جنسه، أو كان جنسًا معتبرًا في جنس إلى آخره، فافهم. ثم أشار إلى القسم الثالث فقال:

المنَاسِبُ الغَرِيْبُ صُوَرُهُ وَأَقْسَامُهُ

  ٣٠٧ - والثالثُ الغريبُ ما لم يُعُتَبَرْ ... عِندَ أُوليْ الأَفهامِ طُرًّا والنَّظَرْ

  ٣٠٨ - فِيهِ سِوى مُجَّردِ اَلتَّرَتُّبِ ... للحكمِ في الوَفْقِ فحقّقْ تُصِب

  أي الثالث من أقسام المناسب الغريب، وهو ما ثبت اعتباره، أي نيط الحكم بالوصف بسَبَب اجتماعهما في محل واحد بمجرد ترتب الحكم في الوفق أي على الوفق، أي وفقه، فـ (في) هنا بمعنى (على) كقوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}⁣[طه: ٧١]. والألف واللام⁣(⁣١) عوضٌ عن المضاف إليه، وهو الضمير العائد إلى الوصف الغريب، والمعنى أن الغريب هو الذي لم يعتبر فيه سوى مجرد ترتب الحكم على وفقه⁣(⁣٢)، ولم يثبت بنص ولا إجماع اعتبار عينه ولا جنسه في عين الحكم، ولا جنسه فخرج بهذا القسم الأول المؤثر وأقسام الملائم الثلاثة، ومثاله: تعليل تحريم النبيذ بالاسكار، فإنه مناسب للتحريم حفظًا للعقل بمجرد ترتب الحكم على وفق الوصف، فلا يكون مرسلًا، لكنه غريب من جهة عدم النص والإجماع، وهذا قياسًا على الخمر على تقدير عدم ورود النص بأنه علة في تحريم الخمر، وإلا فإنه مع دلالة النص بالإيماء، وهو قوله ÷: «كل مسكر حرام»⁣(⁣٣) فهو إذًا من قبيل المؤثر ومثاله الصحيح توريث المبتوتة في مرض الموت لئلا ترث، وجعل⁣(⁣٤) ثلاث تطليقات لم يتخللهن رجعة ثلاثًا دفعًا للتتابع في الطلاق بعد تقرر كونها


(١) الألف واللام التي في كلمة: الفرق التي في النظم تمت مؤلف.

(٢) أي وقف الغريب تمت مؤلف.

(٣) الأمالي ٣/ ١٥٦٣ رقم (٢٦٠١)، والتجريد ١/ ١٩، والشفاء ١/ ١٦١، والبخاري ٤/ ١٥٧٩ رقم (٤٠٨٧)، ومسلم ١/ ١٥٨٦ رقم (١٧٣٣)، والترمذي ٤/ ٢٥٨ رقم (١٨٦٥، ١٨٦٦)، وابن ماجة ٢/ ١٢٢٣، رقم (٣٣٨٧).

(٤) قال المؤلف في الحاشية، من عند قوله: وجعل ثلاث تطليقات إلخ آخر الباب: هو من أمثلة الملغى المرسل فإنَّما وضع هنا سهوًا وقد نبه عليه عند ذكر الملغى المرسل والله أعلم تمت حاشية ص ١١٧ (خ).