فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

الطريق الخامس من طرق العلة

صفحة 179 - الجزء 1

  فهما خيالية إقناعية من جهة أن نجاسة الشيء تناسب إذلاله ومقابلته بمال تناسب إعزازه⁣(⁣١) وبينهما منافاة، فمناسبة النجاسة للتحريم متخيلة لكنها تضمحل مع التأمل؛ لأن معنى النجاسة كون الصلاة معها، غير مجزية، ولا مناسبة بينهُ وبين التحريم إلاَّ على جهة التخيل؛ لا التحقيق، وإلا لزم تحريم بيع الثوب النجس. ثم أشار إلى الطريق الخامس من طرق العلة فقال:

الطَّرِيْقُ الخّامِسُ مِنْ طُرُقِ العِلَّةِ

  ٣١٩ - وقد أتى من طُرُقِ العلَّةِ مَا ... سمَّوهُ مِنْهُا شَبَهًا ومُوهِمَا

  ٣٢٠ - حَاصِلهُ أن يُوهِمَ المناسَبَهْ ... أو أن يدورَ الحكمُ مع هذا الشَّبَهْ

  ٣٢١ - وهو بأن يوجدَ حيثُ يُوجدُ ... وهكذا يفقدُ حيثُ يُفْقَدُ

  ٣٢٢ - مَعَ التفات صاحبِ الشرع إلى ... بعض موادِهِ عَلَى مَا فُصِّلَا

  اعلم أن المصنف>: اختار من الطرق الأربع المتقدمة، وأشار إلى ضعف هذه الطريق بصيغة التمريض. أعني قوله: قِيْلَ. واختلف أهل الأصول في رسمها حتى عسر عليهم حدها، ودق الفرق بينها وبين الطردية المهجورة الآتية، وجميع حدودها مدخولة كما ستسمعها، والشَّبَه بفتح الباء، سمي به لمشابهته المناسب من وجه، والطردي من آخر؛ لأنه وصف اعتبره الشارع في بعض الأحكام ولم تعلم مناسبته بالنظر إلى ذاته، فهو واسطة بين المناسب والطردي، وقيل: في حده: هو الذي لا يثبت مناسبته إلا بدليل، وهذا لا يخرج المناسب؛ لأن المناسب لا بد من قضاء العقل وحكمه عليه لعلة الربا أنه الباعث على الحكم، وإن أريد الدليل الشرعي فممنوع؛ لأنَّ لو كان عليه دليل شرعي لدخل في قسم المؤثر، وقيل: إنه القسم⁣(⁣٢) المجامع لأخر إذا تردد بهما الفرع بين أصلين، فالأشْبَهُ مِنْهُما هو المسمى الشبه كالنفسية والمالية في العبد المقتول، فإنه يتردد بهما بين الحُرِّ والفَرَسِ وهو بالحرِّ أشبه، إذ مشاركته له في الأوصاف والأحكام أكثر، وهذا الحد غير مطرد، فكثير من العلل الشبهية لا يجري فيها مثل هذا، كعلة الربا وغيرها. وما أشار إليه الناظم، وهو الذي ذكره صاحب «الكافل» وصاحب «الفصول» وزعم أنه أقرب الحدود أنه الوصف الذي يوهم المناسبة، وفيه أن الأحكام لا تبنى على الأوهام، والوهم ملغًا غير معتبر في الأحكام الشرعية، وإن كان قد اعتذر عنه صاحب


(١) غامضة في أصل المخطوط ص ١٢٣، وما أثبت اجتهاد والله أعلم.

(٢) الظاهر: أنه الوصف.