فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في القياس ماهيته وأقسامه وأركانه

صفحة 178 - الجزء 1

  «القسطاس»⁣(⁣١)، وَأَمَّا الدنيوي: فينقسم إلى ثلاثة أقسام: ضروري وحاجِّيْ، وعادي، فالضروري: ما روعي فيه المقاصد التي لا يقوم الدين إلا بحفظها، ومناسبته في غاية الوضوح، وأعلى المراتب، وهو قسمان: ضروري في أصله كالكليات الخمس، قال الأسنوي في «شرح جمع الجوامع»: وانحصارها في الخمس نظرًا إلى الواقع. وَهِيَ التي يجمعها قول الشاعر⁣(⁣٢) وقد تقدم قريبًا، والثاني: كالمكمل له كحد شارب قليل المسكر ومما ثلة القصاص في الأطراف، وَأَمَّا الحاجي: فهو ما تدعو إليه الحاجة لا الضرروة ورتبته دون الأول، وهو قسمان: أصلي كالبيع والإجارة، والقرض وتسليط الولي على تزويج الصغيرة، وكالمداينات وسائر المعاملات، فأما الإجارة على تربية الطفل الذي لا أُمَّ له مرضعة، وشراء المطعوم والملبوس له ولغيره كنفس الإنسان، فقيل: ضرورية أصلية، وقيل: ضرورية حاجية؛ لأن الحاجية قد تكون ضرورية كما صرح به ابن الحاجب في «المنتهى»، والقطب، والمحلي⁣(⁣٣)، والثاني: المكمل لهُ كوجوب رعاية الكفاءة ومهر المثل في الصغيرة، فإنه أشد إفضاء إلى دوام النكاح، وإن كان المقصود حاصلًا بدونهما، وأما العادي: فهو ما تدعو إليه رعاية محاسن العادات كتقرير الناس على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، لا الضرورة ولا الحاجة، ورتبته دونهما. وهو قسمان: ما لا يعارض القواعد المعتبرة كتقييد النكاح بالشهادة، وسلب الرق أهليتها⁣(⁣٤)، وإن كان ذا دين وعدالة، وترك القسم له من الغنائم، ومِنْهُ أيضًا الإبراء من الدين والعفو عن الجنايات وتهذيب النفس والرياضات، والثاني: ما يعارضها كشرع الكتابة، فهو مع إستحسانهِ عادة معارض للقواعد؛ لأنه بيع المال بالمال، ولا مكمل له، وقد يجتمع الثلاثة في وصف واحد على رأي كالنفقة فهي ضرورية للنفس حاجية للزوجات تحسينية عادية للأقارب، وأما الخيالي الاقناعي وهو الذي تتخيل فيه المناسبة، ثم لا يزداد على كثرة البحث والنظر إلا تَلاَ شيئاً كتعليل تحريم بيع الميتة بالنجاسة، وقياس الكلب عليها بجامع النجاسة فمناسبتها للتحريم


(١) الحسن بن عز الدين (٨٦٢ هـ - ٩٢٩ هـ) الجوهرة المضيئة ١/ ١١٩.

(٢) دْينٌ ونفسٌ وعَقْل بعدها نَسَبٌ ... والمالُ خَامِسُهَا تِلْكَ الضَّرُوراتُ

(٣) المحلي: هو العلامة الكبير حميد بن أحمد بن محمدين أحمد المحلي الهمداني علم كبير من علمائنا توفي ٦٥٢ هـ.

(٤) أي كون الرق سالبًا أهلية الشهادة.