باب الاعتراضات الواردة على القياس
  المنصوص من قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١]، فيقول: المستدل: هذا مؤول بذبح عبدة الأوثان بدليل قوله ÷: «ذِكْرُ اللهِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ»، رواه ابن عدي في «الكامل»، والدارقطني من طريق مروان بن سالم الجزري. وقد رمي بالوضع(١). ثم أشار إلى الاعتراض الثالث بقوله:
الاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ
  ٣٢٨ - ثُمَّ فسادُ الوضعِ فِيْمَا لُخِّصَا ... إبطالُ وضعٍ لِقياسٍ خُصِّصَا
  ٣٢٩ - في حكمهِ المخصوصِ عندَ الشارعِ ... بأنَّهُ جاءَ بوصفٍ جامع
  ٣٣٠ - نقيضَ حُكْمٍ سابقٍ قَدْ ثَبتَا ... فاحفظْ مَدَارِكَ العُلومِ يَا فتَى
  أشار إلى النوع الثالث، وهو فساد الوضع، وحاصله: إبطال وضع القياس المخصوص في إثبات الحكم المخصوص بأنه قد ثبت بالوصف الجامع نقيض ذلك الحكم المثبت أولًا بنص أو إجماع، فيكون القياس فاسد الوضع، ومثاله: أن يقال: في التيمم: مسح فَيُسنُّ فيه التكرار كالاستجمار، فيقوله المعترض: المسح لا يناسب التكرار؛ لأنه ثبت اعتباره في كراهة التكرار في المسح في الخف، فالأصل الاستجمار والفرع التيمم. والجامع المسح، والحكم سنية التكرار، فيقول: الممعترض: المسح لا يناسب التكرار؛ لأنه ثبت اعتباره في كراهة التكرار في المسح في الخف، وهو نقيض الحكم المذكور، فقد ثبت بالوصف الجامع الذي هو المسح نقيض ذلك الحكم الذي هو سنية التكرار، أعني كراهة التكرار في المسح في الخف، فيقول المستدل: إنما كره التكرار في المسح على الخف لمانع وهو التعريض لتلفه، فيكون اقتضاء المسح للتكرار باقياً. ثم أشار إلى النوع الرابع والخامس بقوله:
الاعْتِرَاضُ الرَّابِعُ والخَامِسُ
  ٣٣١ - رابعُها امتناعُ حُكمِ الأصِلِ ... والخامسُ التقسيمُ ياذا العقل
  أشار إلى النوع الرابع والخامس من الاعتراضات، فالأول: منع حكم الأصل، ومثاله: أن يقول المستدل: جِلدُ الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة، كالكلب فالأصل الكلب
(١) الكامل ٦/ ٣٨٤، والدراقطني ٤/ ٢٩٥ رقم (٩٤).