باب الاعتراضات الواردة على القياس
  ٣٢٤ - قَدْ حُصِرَتْ أنواعُها بالعدَدِ ... خمسًا وعشرينَ بِلَا تَرَدُّد
  المراد بالاعتراضات ما يرد على القياس من طرق المجادلات الحسنة، والمراد مِنْهُا إظهار الصواب، ولها آداب ينبغي تقديمها على المناظرة، وَهِيَ تقوى الله تعالى وإشعار النفس بخوفه، وتوطينها على قبول الحق من أي جهة ورد، ومِنْهُا: ما يختص بحال المناظرة وَهِيَ أن يكون المناظر مجتمع القلب متوفرًا في جميع أحواله، ولا يشتغل بشيء سوى ما هو بصدده إلى غير ذلك من الشروط والآداب.
الاعْتِرَاضُ الأَوَلُ
  وأشار الناظم إلى حصرها وأنها خمسةٌ وعشرون نوعًا. وأشار إلى الأول مِنْهُا بقوله:
  ٣٢٥ - أولُها استفسارُ معنى اللَّفْظَةِ ... وَذَاكَ لِلإجمالِ والغرابة
  ٣٢٦ - كلفظةِ النكِاحِ هلْ للعقدِ أَوْ ... للوطء فاحفظْ يا فتى ما قد رَوَوْا
  أشار إلى النوع الأول بقوله: أولها استفسارُ: والاستفسار طلب التفسير، أعني بيان معنى اللفظ وهو نوع واحد، وإنما يسمع إذا كان في اللفظ غرابة أو إجمال كما أشار إليه الناظم، ومن أمثلته ما ذكره الناظم من لفظة النكاح هل العقد أو الوطء في قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠]. وهذا مثال الإجمال، وجوابه: أن يقال: إنه ظاهر في العقد شرعًا؛ لأن الحقيقة اللُّغَوِيَّةَ مهجورة أو يقال: إنه ظاهر فيه لقرينة؛ لأنه مسند إلى المرأة، ولفظ النكاح بمعنى الوطء لا يسند إلى المرأة، فلا إجمال، ومثال الاستفسار عن الغرابة: قولهم في الكلب المعلَّمِ الذي أكل صيده: (إيَّلَ) لم يُرَضْ فلا تحل فريسته كالسِّيْدِ فيسأل عن كل واحد مِنْهُا، وَجَوَابُهُ: أن الإيَّلَ: الكلب، ولم يُرَضْ [أي] لم يُعَلَّم، وبالفريسة الصيد وبالسيد الأسد، والسِّيد بكسر السين المشددة من أسماء الأسد والذئب، وأما (الإيَّلُ): فالمشهور في كتب اللغة: أنه الوعل خلاف ما ذكره أهل الأصول. ثم أشار إلى النوع الثاني بقوله:
الاعْتِرَاضُ الثَّانِيْ
  ٣٢٧ - ثُمَّ فَسادُ الإِعتبارِ خُصَّا ... بأَنْ يُخالِفَ القياسُ النَّصَّا
  أشار إلى النوع الثاني وهو فساد الاعتبار والمراد به مخالفة القياس للنص، فلا يصح الاحتجاج به حينئذٍ في المدعى، مثاله: أن يقال: في ذبح تارك التسمية عمدًا: ذبحٌ من أهلِهِ في محله، كذبح ناس التسمية فيقول المعترض: هذا فاسد الاعتبار لمخالفته