فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

الاستحسان

صفحة 198 - الجزء 1

  بتخفيف الراء والمعنى واحد، وقد ظرُفَ بَعْضُهم حيث قال:

  قُلْ لِمُسْتَحْسِنٍ بَدِيعَ الْمَعَانِي ... مِنْهُ تحيا شَقَائِقُ النُّعْمَان

  عِنْدَنَا الاسْتِحْسَانُ شَرْعٌ لِأَنَّا ... تَبَعٌ لِابْنِ ثَابِتِ النُّعْمَان

  وأثبته أئمتنا والحنفية والبصرية والحنابلة، ولا دليل على إثباته⁣(⁣١). والله أعلم.

  ثم أشار إلى عدم تحقق استحسان مختلف فيه بقوله:

  ٣٦٥ - هَذا وَمَا تُحُقِّقَ استحسانُ ... مُختلَفٌ فِيْهِ فَلَا إمْكاَنُ

  اعلم أن المختار وفاقًا للجمهور: أنه لا يُتَحَقَّقُ استحسان مختلف فيه؛ لأن الخلاف إن عاد إلى المعنى فمرجعه إلى الترجيح بين الأدلة الشرعية بأمر متفق عليه، ولا حاجة بنا إلى فرض استحسان يصلح محلًا للنزاع، ثم الاحتجاج على إبطاله، وإن عاد إلى اللفظ، فلا مشاححة في العبارة بعد صحة المعنى. ثم أشار إلى قول الصحابي بقوله:

  ٣٦٦ - واختَلفُوا في مذهبِ الصحابيْ ... فقيلَ حُجَّةٌ بِلَا ارتِيَاب

  ٣٦٧ - وَقِيْلَ لَا حُجَّةَ فِيْهِ تُعْلَمُ ... إذْ لَاَ دلِيْلَ فِيْهِ وَهْوَ الأَقْوَمُ

  أشار إلى الخلاف في مذهب الصحابي، وَقْوله والخلاف: إنما هو في الحجية وعدمها على غيره من الناس. وأما على مثله من الصحابة فليس بحجة اتفاقًا. ذكره ابن الحاجب وغيره، والمختار: أن قول الصحابي ليس بحجة مطلقًا؛ لعدم الدليل الموجب لكونه حجة وهو قول الشافعي في الجديد، وابن حنبل في رواية، والغزالي في المستصفى، وقال مالك بن أنس وأبو علي⁣(⁣٢)، وأبو هاشم⁣(⁣٣)، وأبو عبد الله البصري، ومحمد بن الحسن، والرازي، والبردَعي من الحنفية: حجة، احتج المثبتون بحديث: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، وحديث أنه


(١) أقول: قال الإمام المهدي أحمد بن يحيى ¥ (والحجة لنا في إثباته: أنه ترجيح دليل على دليل فجاز على سائر الترجيحات، وذكر من الأدلة قوله: تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}⁣[الزمر: ٥٥] ويقول ÷: «ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن» منهاج الوصول ص ٦٩٧، ٦٩٩، انتهى.

(٢) أبو علي: محمد بن عبد الوهاب الجبائي والد أبي الهاشم من كبار شيوخ المعتزلة مشهور بالعلم والزهد والورع وتنسب إليه البعلوية من المعتزلة وهو من مشائخ أبي الحسن الأشعري توفي ٣٠٣ هـ وفيات الأعيان ١/ ٤٨٠.

(٣) أبو هاشم: عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي من شيوخ المعتزلة وكبار علمائهم في الأصول ت (سنة ٣٣١ هـ) طبقات المعتزلة للإمام المهدي (ع).