فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

تقسيم المنطوق

صفحة 202 - الجزء 1

  وإن جعلت ما: مصدرية منع مِنْهُ قوله: عَلَيْهِ: أعني قوله: مَا دَلَّ عَلَيْهِ: إذ يصير التقدير: الدلالة عليه اللفظ، وهو غير صحيح، ولو جعل (ما) عبارة عن المعنى والمدلول عليه التزامًا،. وفي محل النطق صفة، أو حالًا له أو للدلالة ورد عليه الفاعلية، والمنع والصرف من أحكام النحو، وذلك لا يخفى على من له أدنى معرفة بذلك. فالأَوْلى ما ذكره بعض المحققين أن المنطوق: ما أفاده اللفظ من أحوال مذكورة، فما أفاده اللفظ: يشاركه المفهوم؛ لأنه يستفاد من اللفظ قطعًا.

  وقوله: (من أحوال مذكورة)؛ لإخراج المفهوم؛ لأن إفادة اللفظ فيه لأحوال غير مذكورة، والمراد بالأحوال: الأحكام الشرعية التكليفية والوضعية، والإيجاب والسلب والمقدمات العقلية والعادية وغيرها. ثم أشار إلى تقسيم المنطوق بقوله:

تقسيمُ المنطوق

  ٣٧٥ - فإن يكُ المنطوقُ لم يَحْتَمِلِ ... إلاَّ لمعنىً فَهُوَ ا لنصُّ الجَلِيْ

  أشار إلى أن المنطوق ينقسم إلى قسمين؛ لأنه إن أفاد اللفظ معنى لا يحتمل غيره فنص جلي، هذا معناه اصطلاحًا. والنص في اللغة: الرفع، ومِنْهُ نَصَّ الحديث إذا رفعه إلى قائله، وقد يقابل الإجماع، والقياس، وقد يراد به قول صاحب المذهب، فيكون مقابلًا للتخريج، والمراد به هنا ما يقابل الظاهر، كما أفاده بقوله:

  ٣٧٦ - وَدَلَّ بالْقَطْعِ فإنْ لم يُفِدِ ... فَظَاهِرٌ فاعملْ بهذا تَرْشُد

  يعني أن دلالة النص بالمعنى المذكور تكون قطعية ضرورية. وأشار إلى القسم الثاني بقوله: فإن لم يُفِد: أي فإن لم يفد اللفظ بنفسه معنىً لا يحتمل غيره، فظاهر، أي فهو المسمى في الاصطلاح بالظاهر، وحقيقته هو اللفظ السابق مِنْهُ إلى الفهم معنى راجح مع احتماله لمعنى مرجوح لم يحمل عليه، وأما معناه لغة: فالظاهر بمعنى الواضح، وبمعنى العلو والغلبة، كما يقال: ظهرت على الحائط، أي عَلَوْتُهُ، وظهرتُ على العدوِّ إذا غَلَبْتهُ، ودلالتُه حينئذٍ على المقصود ظنيةٌ، كما أشار إليه بقوله:

  ٣٧٧ - وَهْوَ يُفِيْدُ الظَنَّ حَيْثُما وَردْ ... قيلَ ومِنْهُ العامُ وهو المُعتَمَدْ

  يعني أن الظاهر لا يفيد إلا الظن بمعنى أن دلالته على المقصود ظنيةٌ للاحتمال المذكور،