النص وأقسامه
  الإنسان على الحيوان الناطق، وكدلالة لفظ العشرة على معناها، وإن دل اللفظ على جزء ما وضع له فتضمنٌ كدلالة لفظ الإنسان على الحيوان وحده أو الناطق وحده، وكدلالة لفظ العشرة على الخمسة؛ لكونها مركبة من خمسة وخمسة، وإن دل اللفظ على أمر خارج عما وضع له، فالتزامٌ كدلالة لفظ الإنسان على أنه ضاحك، وكدلالة لفظ العشرة على أنها زوج، إذا عرفت هذا فالصريح انقسم إلى ما دل بالمطابقة والتضمن، وغير الصريح إلى ما دل بالالتزام. ثم أشار إلى أن ما دل بالالتزام منقسم إلى أقسام، وقد أشار إليها بقوله:
  ٣٨١ - إن قُصدَ اللَّازمُ مَعْ تَوقُّفِ ... للصِّدقِ والصحةِ فِيْهِ فاعْرِف
  ٣٨٢ - عَقْلًا وشرعًا فدلالةُ اقْتِضا ... لَا زِلْتَ سَالِكًا لِمِنْهُجِ الرِّضا
  ٣٨٣ - نحو: اسْألِ القريةَ واعْتِقْ عَبْدَكَ ... عَنِّيْ على أَلْفٍ بَلَغْتَ قَصْدَكَ
  أشار إلى القسم الأول: وهو ما قصد المتكلم فيه ذلك اللازمَ، وتوقَّفَ الصدقُ أو الصحةُ العقلية أو الشرعية عليه، فهو المسمى بدلالة الاقتضاء، فمثال ما يتوقف عليه الصدق، قوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه الطبراني في معجمه الكبير عن ثوبان، وله شاهد صحيح رواه ابن ماجه بسند جيد، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه(١). وقال: إنه على شرط الشيخين، فإن ظاهر الحديث يقتضي نفي الخطأ والنسيان بالكلية عن جميع الأمة، لكن لو حملناه على ذلك لاقتضى عدم الصدق في كلامه ÷؛ للقطع بصدورهما من الأمة، فلا بد من إضمار حكم يمكن نفيه من الأحكام الدنيوية والأخروية، كالعقوبة، والذم، والقضاء إلى غير ذلك إلا ما خصه دليل: كإيجاب الكفارة والدية فلفظ الخطأ والنسيان قد دلا على اللازم لهما الخارج عن موضوعهما، وهو الإثم أو الذم أو القضاء، وتَوَقَّفَ صدقُ الكلام على اللازم المذكور، وأما مثال الصحة العقلية فقد مثلها الناظم بقوله نحو: اسألِ القريةَ: أي أَهْلَها، إذ لو لم يُقَدَّرْ أَهْلٌ ونحوه لم يصح عقلًا، فإن العقل مع قطع النظر عن كونه نبيًا، وإمكان السؤال والنطق بالجواب معجزة، قاض بأنهم لم يريدوا نفس القرية؛ لأن سؤال الجماد غير معقول، وأما مثال الصحة الشرعية، فقد أشار إليها الناظم بقوله: اعتقْ عَبْدَكَ عَنِّيْ عَلَى أَلْفٍ: لاستدعاء العتق تقرير الملك لتوقف صحة العتق عليه
(١) الطبراني ٢/ ٩٧ رقم (٧٧٤) وابن ماجة ١/ ٦٥٩ رقم (٢٠٤٥)، وابن حبان ١٦/ ٢٠٢ رقم (٧٢١٩) والحاكم ٢/ ١٩٨.