فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

أقسام الحقيقة

صفحة 217 - الجزء 1

  سواءً كان لمناسبة بينه وبين المعنى اللغوي، فيكون منقولًا، أَوْ لَا؛ فيكون مرتجلًا كدابةٍ لذات الأربع بعد أن كانت لكل ما يدبُّ على الأرض، وكالقارورة لما يستقر فيه الشيء من الزجاج بعد أن كانت لكل ما يستقر فيه الشيء من إناء وغيره، أو لغوية منسوبة إلى واضع اللغة وهو الباري تعالى، عند المرتضى، والبغدادية، والأشعري، وعلمها بالوحي، أو بخلق الأصوات، أو بعلم ضروري فدل على أنه تعالى واضع الأسماء، ومعلمها آدم دون البشر. قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}⁣[البقرة: ٣١]، وَهِيَ الأسماء والأفعال والحروف، إذ لا قائل بالفصل، واللغة: هي الألفاظ الموضوعة، وطريق معرفتها التواتر كالسماء والأرض والحر والبرد، مما يعلم وضعه لمعناه، أو الآحاد فيما لم يعلم وضعها لمعانيها إلا بالظن أو شرعية منسوبة إلى الشرع، وَهِيَ اللفظ الذي وضعه الشارع لمعنى بحيث يدل عليه بلا قرينة، كما في العرفية سواءً كان اللفظ والمعنى مجهولين عند أهل اللغة كأوائل السور عند من يجعلها أسماء، أو كانا معلوميين لهم، لكنهم لم يضعوا ذلك اللفظ لذلك المعنى، كالرحمن لله تعالى عند من جعل الدينية داخلة في الشرعية، أو كان أحدهما معلومًا، والآخر مجهولًا كالصلاة والصوم والزكاة، وَهِيَ واقعة عند أئمتنا والجمهور؛ خلافًا للباقلاني، ثم اصطلاحية منسوبة إلى الاصطلاح وَهِيَ ما وضعه أناس مخصوصون بأن نقلوه من معناه الأصلي إلى معنى آخر، وغلب عليه بينهم، كاصطلاح النحاة في جعلهم الرفع علامة الفاعل بعد أن كان في الاصطلاح للارتفاع ضد الانخفاض، وكاصطلاح علماء الكلام في جعلهم الجوهر للمتحيز بعد أن كان للنفيس، ودينية إن نقلت إلى أصول الدين كالإيمان والمؤمن والرحمن فهي منسوبة إلى الدين بمعنى أنا متعبدون بإجرائها على مسمياتها، والمؤمن لغة: المصدق، وشرعًا: فاعل الطاعات، ومجتنب المقبحات، وخالف الشيرازي وابن الحاجب، والسبكي في وقوع الدينية، بخلاف الشرعية الفرعية كالصلاة والصوم، فإنها واقعة عندهم، وقال الإمام يحيى، والغزالي: أنها تدل على المعنيين اللغوي والشرعي معًا حقيقة، وقال الرازي: بل تدل على اللغوي حقيقة وعلى الشرعي مجازًا. وتوقف الآمدي لتعارض الأدلة فيها، وأدلة كل من الفريقين مبسوطة في المطولات. ثم أشار إلى تقسيم آخر للحقيقة، فقال:

  ٤١٣ - وَهِيَ إذا تَعَدَّدَتْ عَلَانِيَهْ ... لَفْظًا ومَعْنَى سَمِّهَا مُبَايِنَهْ

  ٤١٤ - أَوْلَا وكانَتْ فِيْهِمَا مُتَّحِدَهْ ... فإنها حينئذٍ مُنفَرِدَهْ