فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

المجاز

صفحة 224 - الجزء 1

  أعني اصطلاح الشرع، وكذا إذا استعمله المخاطب بعرف اللغة في ذات الأركان والأذكار مجازًا، وهو إما لغوي كأسد للرجل الشجاع أو شرعيٌ كالصلاة في الدعاء، أو عرفي عام كدابة لكل ما يدب، أو خاص كمصطلحات أهل الصناعات كاستعمال الجوهر في النفيس، أو ديني كاستعمال الإيمان في التصديق مطلقًا، وقوله: وذاكَ للعلاقة: احتراز عن الغلط، نحو: خذ هذا الفرس مشيرًا إلى كتاب، والعلاقة بالفتح عَلاَقةُ الحُبِّ والخصومة، ونحوهما من المعاني وبالكسر علاقة السيف والسوط وغيرهما من المحسوسات، والمراد بها هنا تَعلّقٌ مَّا للمعنى المجازي بالمعنى الحقيقي، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله، وقوله: المشهورة: احتراز عن الخفية، فلا يصح التجوز بالأسد عن الأبخر لعلاقة البخر⁣(⁣١)، فإنه في الأسد خفي لا يعرفه إلا الخواص، فيصير التجوز به لذلك تجوزًا بلا علاقة، وَلَابُّدَّ وأن يكون ذلك الاستعمال عند قرينة، أي مع قرينة لفظية، أو معنوية صارفة لِلَّفْظِ عن معناه الحقيقي إلى معناه المجازي فتخرج الكناية نحو: طويل النجاد، فإنها مستعملة في غير ما وضعت له، مع جواز إرادته، والقرينة في الأصل الأخبية وهو حبل طرفاه تحت الأرض، ويمد وسطه على الأرض وفيها حلق من ذلك الحبل أو غيره تربط في الحيوانات بأن تدخل رءوسها، وقيل: هي حبل يدفن طرفاه ويبقى وسطه كهيئة العروة، والحبل المذكور اسمه الرِّبْقُ، وهذه القرينة على ضربين: أحدهما: يرفع ظاهر الخطاب وتعلقه بمراد معين، فلا شبهة في حمل اللفظ على ذلك المعنى، والثاني: يمنع من حمله على ظاهره، ولا تعلقه بمراد معين، وما هذا حاله لا يخلو إما أن يكون له مجاز واحد أو أكثر، إن كان واحداً، حمل عليه ولا شبهة، وإن كان أكثر من واحد وبعضها أقرب من بعض، حمل على الأقرب، وإن كانت متساوية، فإما أن تنحصر أَوْلا، إن كانت منحصرة غير متنافية حمل عليها أجمع، على قول من يقول بجواز حمل اللفظة على جميع معانيها كما ثبت في استعمالهم البحر مجازًا في معانٍ مختلفة، كالعالم والكريم والشاعر، والسيف، وكذا السكون يستعمل [تارةً في سكون النفس من الغضب والجوع وطمأنينة القلب باليقين]⁣(⁣٢)، ومن منع الاشتراك في ذلك بدفع ما ذكرنا باستعمال البحر والسكون فيما ذكر بجمعه غرضاً واحداً، ففي البحر السعة وفي


(١) نَتَنٌ في الفم.

(٢) ما بين القوسين تتمة من كافل الطبري، ص ١٧٩.