المجاز
  الشافعي، وعدة يسيرة من الأصوليين والجمهور على خلافه فلا يصير العبد ممتثلًا عنده إلا إذا أتى بجميع ما يقع عليه اسم البيضة، واسم العين، واسم الجون، والدليل عليه أن الحمل على الجميع ممكن غير مستحيل، واللفظ يصلح له، فيحمل عليه لمقتضى اللغة.
  نَعَمْ: إذا دل العقل أو الشرع على أن المراد شيء بعينه ولم يثبته في اللفظ كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨]، وقد دل الدليل أن المراد واحد بعينه، إما الحيض أو الطهر، فهذا يكون مشكلًا مجملًا لا يعرف معناه من لفظه، وإنما يعرف المراد مِنْهُ بغيره، إما من دليل أو قرينة أو شاهد حال)، انتهى كلامه. وهو مذهب أهل البيت $، ونسبه صاحب «الفصول» إلى الجمهور بخلاف ما حكاه الموزعي سابقًا، وَثَمَّ خلاف طويل في المشترك؛ والصحيحُ ما قرر هنا. والله أعلم. ثم أشار إلى المجاز بقوله:
المجازُ
  ٤٢٧ - وَبَعَدَهَا المجازُ وَهْوَ مُرْسَلُ ... أو استعارةٌ على ما يُنْقَلُ
  ٤٢٨ - وَذَاكَ لِلعَلَاقَةِ المذكورهْ ... عند قرينةٍ لَهُ مَشهورَهْ
  المجاز وزنه: مَفْعَلٌ، مصدر ميمي، إما بمعنى الفاعل أو المفعول من جاز المكان يجوزه، إذا تعداه، ولذا أُعِلَّ إعلاله بأن تقلب حركة حرف العلة إلى ما قبله، ثم قُلِبَتِ الفاء؛ لأن أصله (مَجْوَزٌ) نقلت حركة الواو الذي هو حرف العلة إلى الجيم الذي قبله، ثم قلبت الواو ألفًا، نقل إلى الكلمة الجائزة المتعدية مكانها الأصلي، وَأَمَّا رسمه: فهو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب، فالكلمة: جنس قريب، والمستعملة: احتراز عما لا تستعمل، فإنها قبل الاستعمال: لا تسمى حقيقةً ولا مجازًا، وَخَرَجَ بقولنا: «في غير ما وضعت له الحقيقة» مرتجلًا كان، وهو الذي لا مناسبة فيه، أو منقولًا: وهو ما نقل لمناسبة أو غيرهما كالمشترك.
  واعلم أن مذهب الجمهور أن المجاز لا يستلزم الحقيقة؛ لكونه قد يوجد بدونها نحو: الرحمن؛ فإنه مجاز في الباري جل وعلا، ومعناه الحقيقي لا وجود له فيه؛ لأن معناه رقة القلب، ولم يستعمل في غيره تعالى، وَأمَّا الحقيقة فلا تستلزم المجاز اتفاقًا، لوجودها بدونه: «وخرج بقولنا: في اصطلاح بِهِ التخاطبِ المجاز» المستعمل فيما وضع له في اصطلاح آخر، كالصلاة إذا استعملها المخاطب بعرف الشرع في الدعاء مجازًا، فإنه وإن كان مستعملًا في ما وضع له في الجملة فليس بمستعمل فيما وضع له في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب،