بيان معنى الاستعارة
  اللفظ قسمان؛ لأن اللفظ إن كان اسم جنس حقيقة كأسد مثلًا، أو تأويلًا كما في الأعلام المشتهرة بَنْوع وَصْفِيَّة كحاتمٍ فهي أصليةٌ كأسد، وَقَتلٍ: وحاتم إذا استعير للرجل الشجاع والضرب والرجل الكريم، وإلا فالاستعارة تبعية كالفعل، وما اشتق مِنْهُ كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وغير ذلك، والحرف والتشبيهُ في الفعل، وما اشتق مِنْهُ لمعنى المصدر، وفي الحرف لمتعلق معناه، كالإبتداء في (مِنْ) والاستعلاء في (عَلَى) والظرفية فِيْ (فِيْ)، ثم إنَّها قد تقيد بالتحقْيقيَّةِ لتحقق معناها حِسًّا أو عقلًا كقوله:
  لَدَى أَسَدٍ شَاكِيْ السِّلاحِ مُقَذَّقٌ ... لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارهُ لَمْ تُقلَّمِ(١)
  فالأسد مستعار للرجل الشجاع، وهو متحقق حسّا. ومثال الحقيقي عقلًا كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}[الفاتحة: ٦]، أي الدين الحق، وهو ملة الإسلام، وهو أمر متحقق عقلًا، ثم إن الاستعارة إن لم تقرن بما يلائم المستعار له والمستعار مِنْهُ سميت مطلقة، وَهِيَ ما لم تقترن بصفة ولا تفريع، نحو: عندي أسد، أو قُرِنَتْ بما يُلائمُ المستعار له سميت مجردة، أو قرنت بما يلائم المستعار مِنْهُ سميت مرشحة، وقد اجتمعا في البيت المتقدم، أعني قوله: لدى أسد، فإن قوله: شاكي السلاح، تجريدٌ؛ لأنه وصف بما يلائم المستعار له، أعني الرجل الشجاع، وقوله: مُقذَّفٍ ... إلخ. ترشيح؛ لأنه وصف بما يلائم المستعار مِنْهُ، والترشيح أبلغ مِنْهُما، وقد يُضمر التشبيهُ في النفس فلا يصرح بشيء من أركانه سوى المشبه ويدل على ذلك التشبيه المضمر في النفس، بأن يثبت للمشبه أمرٌ يختص بالمشبه به فيسمي التشبيه المضمر في النفس استعارة بالكناية أو مكنيًا عنها ويسمى إثبات ذلك الأمر المختص بالمشبه به للمشبه استعارة تخييلية، كقول الهذلي:
  وإذا المنيةُ أنشبتْ أظفارها ... ألفيتَ كُلَّ تميمةٍ لا تنفعُ(٢)
  شبه المنية بالسَّبُعِ في اغتيال النفوس بالقهر، فأثبت لها الأظفار التي لا يكمل ذلك الاغتيال في السبع بدونها، تحقيقًا للمبالغة في التشبيه، فتشبيه المنية بالسبع استعارة بالكناية وإثبات الأظفار لها استعارة تخييلية. قوله:
(١) البيت لزهير بن أبي سلمى. المعلقات.
(٢) المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٤/ ٣١٦، انتهى حاشية شرحٌ مختصرٌ على متن الكافل لسيدي العلامة المجاهد د/ المرتضى بن زيد المحطوري الحسني حفظه الله. ط ٢/ ١٤٣١ هـ مكتبة بدر العلمية.