فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في الأمر والنهي

صفحة 243 - الجزء 1

  بمرة فيكون الثاني حينئذٍ تأكيداً لا تأسيساً، فإن حَصَلاً في الأمرين المتماثلين قرينتا التغاير والاتحاد نحو: صل ركعتين وصل الركعتين، فالإتيان بواو العطف: قرينة التغاير، والإتيان بلام التعريف: قرينة الاتحاد، وقد حصلا معًا، ونحو: اسقني ماء؛ واسقني ماء؛ لأن اللام والعادة: تعارضان العطف، فالترجيح: هو الواجب، إن أمكن وإلا فالوقف، وجزم بعضهم بالتأسيس بناءً مِنْهُ: أن الواو واللام إذا تعارضا بَقيِ كون التأسيس هو الأصل؛ لِأَنَّ الإفادة: خير من الإعادة، فيكون مرجِّحًا سالمًا من المعارضة. وَأُجِيْبَ: بالمعارضة بأن الأصل براءة الذمة، والله أعلم، قوله:

  ٤٧٠ - ومُطْلَقُ الأَمْر إِذا مَا وَردَا ... وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ بشرطٍ قُيِّدَا

  ٤٧١ - فَيجِبُ التَّحْصِيْلُ للمأْمُورِ بِهْ ... إِنْ كَانَ مَقْدُوْرًا فَحَقِّقْ وَانْتَبِهْ

  ٤٧٢ - وَوَاجِبٌ تَحْصِيْلُ مَا لَيْسَ يَتِمْ ... إِلَّا بِهِ تَحَتُّمًا كَمَا عُلِمْ

  واعلم أن الأمر إذا ورد مطلقًا غير مقيد بشرط كما أشار إلى ذلك الناظم: وجب تحصيل المأمور به وتحصيل ما لا يتم الواجب إلا به بالأمر الذي وجب به الواجب؛ لأنَّ الأمر بالشيء: أمر بمقدماته، سواءً كان سببًا وهو: ما يلزم من وجوده الوجود شرعيًا كان: كالصيغة بالنسبة إلى العتق الواجب أو عقليًا: كالنظر المحصل للعلم أو عاديًا: كَحَزِّ الرقبة بالنسبة إلى واجب القتل أو شرطًا: وهو ما يلزم من عدمه العدم شَرعيًّا كان أيضًا: كالوضوء؛ أو عقليًّا: كترك أضداد المأمور، وكذا قبح كل ضد للواجب مع وجوده أو عاديًا كغسل جزء من الرأس في غسل الوجه، إذ لا يمكن تأدية الواجب على وجهه الذي وقع التكليف عليه بدون ما يتوقف حصوله عليه، وتحقيقه: أَنَّ إيجاب الشيء يقتضي المنع من تركه وعدم إيجاب مقدمته التي لا يحصل على الوجه المطلوب مِنْهُ إلا بها، يقتضي جواز تركها، وهو⁣(⁣١) يستلزم عدم المنع من تركه، فيجتمع النقيضان وهو محال، وعلى هذا وردت مسائل الشرع، فَإِنَّ المأمور بالوضوء مأمور بما لا يتم الوضوء إلا به من المشي في طلب الماء وتناوله، وكذا المأمور بستر الركبة مأمور بستر علو الساق؛ لأن سترها لا يتم إلا به، وإنما يجب تحصيل ذلك حيث كان مقدورًا للمأمور نفسه، لا إذا لم يدخل تحت قدرته كتحصيل القدم للقيام والقدرة وكالوقت من الأسباب والتكليف من الشروط فإنه لا يجب تحصيل ذلك، وإن


(١) وهو: أي جواز تركها.