فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

بيان المطلق والمقيد وصورهما

صفحة 274 - الجزء 1

  فقيد المِرْآةَ بِالْغَرِيبَةِ؛ لأن مرآتها أصفى وأنقى من غيرها لضرورتها، إذ ليس للغريبة من يتفقد مساويها غيرها، قوله:

  ٥٤٣ - والقولُ في المطلقِ والمقيدِ ... كالعامِ والخاصِ بِلَا تَرَدُّد

  يعني أن المطلق والمقيد كالعام والخاص فيما ذكر فيهما من متفق عليه ومختلف فيه، ومختار ومزيف، فما جاز تخصيص العام به جاز تقييد المطلق به، وما لا فلا فيجوز تقييد الكتاب بالكتاب وبالسنة قولًا وفعلًا، وتقريرًا، وتركًا، والسنة بالسنة كذلك وبالكتاب وتقييدهما بالقياس على القول به وبالمفهومين وبالعقل لا بمذهب الراوي والعادة ونحوهما، وكونه متصلًا ومنفصلًا إلى غير ذلك، قوله:

  ٥٤٤ - والقولُ فِيْهِمَا إِذَا مَا وَرَدَا ... فِيْ الحُكْمِ حَالَ كَونهِ مُنفَرِدَا

  ٥٤٥ - فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بالتَّقْييْدِ ... فَاقنَعْ بِمَا قُلْتُ بِلَا مَزِيْد

  اعلم أنه إذا ورد المطلق والمقيد في كلام الشارع فهما على أربعة أوجه، لأنهما إما أن يتحد حكمهما أَوْ لا، وعلى التقديرين، إما أن يتحد سببهما أَوْ لا؟ الأول: اتحاد الحكم والسبب، نحو أن يقول: إن ظاهرت فاعتق رقبة، ويقول في موضع آخر: فاعتق رقبة مؤمنة، ففي هذه الصورة يحمل المطلق على المقيد، ويحكم بالتقييد، فلا تجزي إلا رقبة مؤمنة، الثاني: اتحاد السبب واختلاف الحكم نحو: أكْسُ تميميًا، وأَطعم تميِميًّا عالمًا، ففي هذه الصورة لا يحمل المطلق على المقيد، وإليها أشار بقوله:

  ٥٤٦ - أَمَّا إِذَا مَا اختلَفَا حُكْمًا فَلَا ... يُحْكَمُ بالتَّقييدِ فِيْمَا نُقِلَا

  ٥٤٧ - إِلَّا قِيَاسًا لَا اخْتِلَافَ السَّبَبِ ... مع اتحادِ الجنسِ فافهمْ تُصِب

  ٥٤٨ - كذا اختلافُ سببٍ وَحُكْمِ ... فَحُطْ بِمَا أَقوله عَنْ عِلْم

  أشار بالاستثناء إلى أنه إذا كان هناك علة جامعة، فإنه يجب إلحاق المطلق بالمقيد، وذلك كقياس التيمم المطلق في قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}⁣[المائدة: ٦] على الوضوء المقيد بالمرافق في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}⁣[المائدة: ٦] عند أئمتنا $ وجمهور غيرهم، وَأمَّا عند غيرهم: فهو مجرد مثال، وإلا فإنه لا يقاس الوضوء على التيمم،