فصل في النسخ
  أبي وقاص فقال: يا أمير المؤمنين ما لقيتُ من عمار؟ قال: وما ذاك؟ قال: خرجت وأنا أريدك ومعي الناس فأمرتُ مناديًا ينادي بالصلاة، ثم دعوت بطهور فتطهرت، ومسحت على خُفَيَّ فتقدمت أصلي، فاعتزلني عمار، فلا هو اقتدى بي ولا هو تركني، فجعل ينادي من خلفي يا سعد: أصلاةٌ بغير وضوء؟ فقال عمر: يا عمار اخرج مما جئت به، فقال: نعم كان المسح قبل المائدة، فقال عمر: يا أبا الحسن ما تقول؟ قال: أقول: إن المسح كان من رسول الله ÷ في بيت عائشة والمائدة نزلت في بيتها، فَأَرْسَل عمرُ إلى عائشة، فقالت: كان المسح قبل المائدة، فقل لعمرَ: واللهِ لأَنْ تقطع قدماي بعقبهما أَحَبُّ إليَّ من أن أمسح عليهما، فقال عمر: لا نأخذ بقول امرأة، ثم قال: أَنْشُدُ الله امرءًا شهد المسح من رسول الله ÷ لَّما قام؟ فقام ثمانية عشر رجالاً كلهم رأى رسول الله ÷ يمسح وعليه جبة شامية ضيقة الكُمَّيْنِ فأخرج يده من تحتها ثم مسح على خفيه، فقال عمر: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: سلهم: أقبل المائدة؟ أم بعدها؟ فسألهم، فقالوا: ما ندري، فقال علي #: أَنْشُدُ اللهَ امرءاً مسلمًا علم أن المسح قبل المائدة لمَّا قامَ، فقام اثنان وعشرون رجلا، فتفرق القوم، وهؤلاء يقولون: لا نترك ما رأينا وهؤلاء يقولون: لا نترك ما رأينا، وعن عليٍّ #: سَبَقَ الكتابُ الخُفَّيْنِ، أي: قَطَعَ، وَإما بقرينة قوية: كغزاة أو حالة نحو: أن يعلم أو يظن أن هذه الآية نزلت في غزوة كذا، وتلك في غزوة كذا، وهذه في الخامسة من الهجرة، وتلك في سادستها نحو: ما رواه أُبَيُّ بن كعب قال: قلت يا رسول الله إذا جامع أحدُنا فَأَكْسَلَ؟ فقال: «يَغْسِلُ مُا لَمَس المرأةَ مِنْهُ، وليتوَضْأ، ثم لُيَصلِّ»، فدل على أنه لا غسل مع الإكسال، وإن موجبهُ الإنزال، وكان ذلك في مبتدأ الإسلام فنسخ بما روى عروة بن الزبير أن عائشة حدثته: أن رسول الله ÷ كان يفعل ذلك ولا يغتسل، وذلك بعد فتح مكة، ثم اغتسل بعد ذلك، وأمر الناس بالغسل، وكما ذكر أصحابنا في حديث الوضوء من مس الذكر أنه يتعين كونه المنسوخ، لقرينة السؤال عنه في حديث طَلْقٍ الذي رواه أحمد وأصحاب السنن والدارقطني وصححه جمع من الحفاظ، فلو لم يكن بلغهم حديث الوضوء مِنْهُ لما سألوا عنه؛ لتنزل سؤالهم من دُوْنِهِ منزلةَ السؤال عن سائر الأعضاء هل في مسِّها؟ أو مس شيء مِنْهُا وضوء؟ وذلك مما لا معنى له، إذا عرفت هذا فيعمل بذلك المذكور من القرائن في المظنون كما أشار إليه الناظم بقوله: حينئذٍ بالظَّنِّ ... إلخ: ويقبل أيضًا خبر الآحاد في ضبط نحو: التأريخ، وإن كان المتعارضان قطعيين كالكتاب والسنة المعلومة لكون الناسخ قطعيًّا،