فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

الترجيح بحسب أمر خارجي

صفحة 329 - الجزء 1

  ولم يصل، وَيُرَجَّحُ الدارئُ للحد على المثبت له؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، ولأن الخطأ في نفي العقوبة أولى مِنْهُ في إثباتها، وَيُرَجَّحُ موجب الطلاق والعتق على الآخر مثاله: قوله ÷: «من لطمَ مملوُكَهُ عَتَقَ عَلَيهِ»⁣(⁣١) مع قوله: «فكفارته أن يعتقه»⁣(⁣٢). ثم أشار إلى القسم الرابع وهو الترجيح بحسب أمر خارجي فقال:

التَّرْجِيْحُ بِحَسَبِ أَمْرٍ خَارِجِيٍّ

  ٧٠٦ - وَرُجِّحَ الإِخْبَارُ عِندَ الناظرِ ... مَعَ الوِفَاقِ لِدَليلٍ آخَر

  ٧٠٧ - وهكذا أهْلُ مدينةِ النَّبِيْ ... والخُلفَا فَاعْمَلْ بهذا تُصِب

  ٧٠٨ - وهكذا الَأْعْلمُ بالتأويلِ ... لِأَنَّهُ أَعرفُ بالتَّنزِيْل

  ٧٠٩ - وَمِثلُهُ تفسيرُ رَاويْهِ كَمَا ... تَفْصِيْلُهُ هُنَا أتَى مُنَظَّمَا

  ٧١٠ - وَمِثلُهُ قَرِيْنَةُ التَأَخُّرِ ... فَذَاكَ وجهٌ واضحٌ في الخَبَر

  ٧١١ - وَهَكَذَا الْوِفَاقُ لِلِقْيَاسِ ... مِنْ دُونِ لَا شَكٍّ وَلَا التِبَاس

  أشار إلى الترجيح بحسب أمر خارجي، فذكر أنه يرجح الخبر بموافقته لدليل آخر؛ لأن ذلك يقوي الظن بمدلول الموافق، والعمل به لا يستلزم إلا مخالفة دليل واحد، والعكس يستلزم مخالفة دليلين مثاله: أن يكون أحد الخبرين موافقًا لظاهر الكتاب دون الآخر فيكون الأول أولى نحو: حديث: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاتِهِ أَوْ سَهَا عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا»⁣(⁣٣) يعارضه حديث النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة، لكن الأول تعضده ظواهر الكتاب نحو: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}⁣[البقرة: ٢٣٨] {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}⁣[آل عمران: ١٣٣] ونحو: ما روي عنه ÷ أنه كان يصبح في رمضان جنبًا من غير حُلُمٍ فيغتسل ويصوم⁣(⁣٤)، يعارضه حديث «مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ


(١) أبو داود ٤/ ٥٠٨ رقم (٥١٧٠)، البيهقي في السنن الكبرى (١٦٢١٤)، ومسلم ٥/ ٩٠ رقم (٤٣٨٨).

(٢) البخاري في الأدب المفرد رقم (١٨٠).

(٣) أصول الأحكام ١/ ٩٣ رقم ٣١٠، والبخاري رقم ٥٧٢.

(٤) الموطأ (٦٣٩) وأبو داود رقم (٢٣٩١).