فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

خاتمة في الحدود

صفحة 338 - الجزء 1

  الشيء وفصله القريبين: كحيوان ناطق في تعريف الإنسان، وشراب مسكر في تعريف الخمر، فالحيوان جنس قريب للإنسان، وقد تقدم تحقيق الجنس القريب، والناطق فَصْلٌ قريب له، وكذا قولنا: (شراب) جنس قريب، وقولنا: (مسكر) فصل قريب للخمر، والمراد بالفصل القريب: ما يميزه عن المشاركات في الجنس القريب كالناطق مثلًا، وسمي تَامًّا، لأن الذاتيات فيه مذكورة بتمامها، وأما القسم الثاني فقد أشار إليه بقوله:

  ٧٤٥ - أو كان بالفَصلِ القريبِ وَحْدَهُ ... فإنَّهُ النَّاقِصُ إذْ تَحُدُّهُ

  ٧٤٦ - وهكذا مَعْ جِنْسِهِ البَعِيْدِ ... فَاحرِصْ على معرفةِ الحُدُود

  أشار إلى القسم الثاني وهو الحد الحقيقي الناقص، وهو ما كان بالفصل القريب وحده: كالناطق في تعريف الإنسان، أو به مع جنسه البعيد: كجسم ناطق في تعريف الإنسان أيضًا، فالجسم جنس بعيد للإنسان من حيث إنه يشمل الحيوان وغيره، من نامٍ وغيره، وسمي ناقصًا: لعدم ذكر بعض الذاتيات فيه. إذا عرفت هذا فاعلم أن المراد بالذاتي: كل داخل في ماهية الشيء وحقيقته دخولًا لا يتصور فهم المعنى دون فهمه، وذلك كاللونية للسواد، والجسمية للفرس، والشجر، فإن من فهم الشجر فقد فهم جسمًا مخصوصًا فتكون الجسمية داخلة في ذات الشجرية دخولًا به قوامها في الوجود والعقل لو قدر عدمها لبطل وجود الشجر والفرس عن الذهن. ثم أشار إلى أقسام الرسمي بقوله:

  ٧٤٧ - أَمَّا الذي تَمَّ من الرسْمِيْ فَمَا ... يكونُ بالجنس القرِيْبِ حَالَ مَا

  ٧٤٨ - يُقْرَنُ بالخاصَةِ عِندَ الطَّالِبِ ... مُعَرَّفًا كالحيوانِ الكاتِب

  أشار إلى القسم الأول من الرسمي وهو التام وهو ما يكون بالجنس القريب والخاصة، وقد تقدم تحقيق الخاصة كما تقول في تعريف الإنسان: إنه حيوان كاتب أو ضاحك، وكما تقول في تعريف الخمر: إنه شراب يقذف بالزبد. ثم أشار إلى القسم الثاني مِنْهُ بقوله:

  ٧٤٩ - وَنَاقِصُ الرَّسْمِيِّ مَا كَان بِها ... أو بِالبَعِيْدِ عندمَا يَصْحَبُهَا

  الضمير في بِهَا: عائد إلى الخاصة، أي أن الناقص من الرسمي ما كان بالخاصة وحدها، كما تقول في تعريف الإنسان بأنه كاتب، أو ضاحك، وكما تقول في تعريف الخمر: إنه يقذف بالزبد، أو بالجنس البعيد مع الخاصة: كجسم ضاحك في تعريف الإنسان، ومائعٍ يقذف بالزبد في تعريف الخمر.