مقدمة المؤلف
  وغيرهما إلى ما خُلِقَ لأجله، فَبَيْنَ الشكر اللغوي والعرفي عموم وخصوص مطلقًا، وَبَيْنَ الحمد العرفي والشكر العرفي كذلك، وَبَيْنَ الحمد اللغوي والحمد العرفي عموم وخصوص من وجه، وَبَيْنَ الحمد اللغوي والشكر اللغوي كذلك، وَبَيْنَ الشكر العرفي والحمد اللغوي(١) عموم وخصوص من وجه، ولا فرق بين الشكر اللغوي والحمد العرفي.
  واعلم أن مرجع العموم والخصوص مطلقًا إلى موجبة كلية موضعها الأخص ومحمولها الأعم وسالبة جزئية موضوعها الأعم ومحمولها الأخص، ومرجع العموم والخصوص من وجه إلى موجبة جزئية، وسالبتين جزئيتين، كما سيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل ذلك في أثناء الكتاب، وقوله: أَهَّلَنَا: جعل فينا أهلية، أي صلاحية لنيل الحمد، وَعَمَّنَا: شملنا، والطَّوْل: السعة، والرِّفْدُ: العطاء، ووجه البداية بالحمد بعد التسمية المذكورة ضمنًا: الاقتداءُ بالكتاب العزيز، وعملًا بموجب الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود(٢) وغيره: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أجذمٌ» وفي رواية: «بحمد الله»(٣) ومعنى أجذم: أي مقطوع البركة، قوله غفر الله له:
  ٢ - أَمَدَّنَا مِنْ فَضلِهِ الوَسِيْعِ ... بِالنِّعمِ الأُصولِ والفُرُوع
  إنما اختار الناظم الفصل وترك العطف؛ لأن الجملة الثانية بيانية، أي بيان لقوله: وعمنا بطوله ورفده، والإمداد: التوفير والزيادة، والفضل: ما تفضل الله به على عباده من النعم الجسام، وَالوَسِيْعُ: فعيل بمعنى فاعل؛ صفة مبالغة في الكثرة، والنعم: جمع نِعمة بكسر النون، وهي: ما قصد به الإحسان والنفع؛ والمراد بالنعم التي هي الأصول: خلق الحي، وشهوته، وإكمال عقله، وتمكينه من المشتهى؛ أو ما في حكمه، وهو الأعواض. وَأَمَّا الفروع فلا تحصى قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[إبراهيم: ٣٤]، وإنما سميت أصولًا: لأن الانتفاع لا يحصل إلا بمجموعها بخلاف الفروع. قوله:
(١) العموم والخصوص من وجه هو أن يشتركا في مادة ولا يفترقا في أخرى في المورد أو المتعلق تمت مؤلف
(٢) أبو داود: سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني، محدث، صاحب السنن المعروف (ت ٢٧٥ هـ)، أعلام الزركلي ٣/ ١٢٣.
(٣) أبو داود ٢/ ٦٧٧ رقم (٤٨٤٠)، ابن ماجة ٦/ ٥ رقم (١٨٨٤)، الدارقطني ٢/ ٤٨١ رقم (٨٩٥، ٨٩٦) والبيهقي برقم (٥٩٧٨)، والطبراني برقم (١٥٤٩١).