مقدمة المؤلف
  ٣ - وَخصَّنَا بواضحِ المَحَجَّهْ ... الدَّامِغِ الكُفْرِ بِسَيفِ الحُجَّهْ
  الخاصية: ما يخص الشيء دون غيره، والمراد أنه خصنا أهل ملة الإسلام به - دُوْنَ غيرنا من الأمم السابقة، والوَاضِح: البين، والمحَجَّة: الطريقة، والمراد بذلك: الدين القيم وهو الصراط المستقيم أي الدين الحق، واستعار لفظ الدامغ دون الضارب: لكونه أبلغ في التأثير؛ والحجة في اللغة: بمعنى الغلبة يقال: حَجَّ فلانٌ فلانًا إذا غلبه، والمراد بها هنا: ما أقام من الدلائل والبراهين القاضية، بصدقه وصدق نبوته، وحُقية الإيمان والإسلام وكل ما جاء به من عند الله، والمعنى: أنه أزال الكفر ونفاه؛ بما أقامه من الحجة البالغة ÷، قوله:
  ٤ - مُحمَّدِ الهادي لِخَيرِ أُمّةِ ... بِالْمُعْجِزِ النَّاسِخِ كُلَّ مِلَّة
  مُحَمَّد: عطف بيان؛ وحذف التنوين مِنْهُ ضرورة؛ كقوله: ولا ذاكرِ اللَّهَ إلَّا قليلًا(١)؛ بنصب الجلالة، ومحمد ÷ عَلمٌ منقول من اسم مفعول المُضَعَّفِ، موضوع لمن كثرت خصاله الحميدة سُمِّي بِهِ نبينا محمد ÷ بإلهام من الله لجده عبد المطلب بذلك؛ ليكون على وفق تسمية الله تعالى له قبل الخلق بألفي عام على ما ورد عند أبي نُعيم؛ ولم يُسَمَّ أحدٌ قبله بذلك، لكن لما قرب زمِنْهُ ونشر أهل الكتاب بعثه سَمَّى رجال أولادهم باسمه رجاء النبوة، والله أعلم حيث يجعل رسالاته، وعدهم بعض المحققين خمسة عشر ذكره ابن حجر في الفتح المبين(٢) والله أعلم. والهادي: بمعنى المبيِّن،. وخير أمة: اقتباس من قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}[آل عمران: ١٠٩] , والمعجز الناسخ: القرآن وسيأتي بيانهما كُلًّا في محله إن شاء الله، والملة: الطريقة؛ والمراد بها الأديان المخالفة لدين الإسلام. قوله غفر الله له:
  ٥ - أزاحَ داءَ الكفرِ عَنَّا وشَفَى ... مِنْ بعدِ مَا كَانَ الورَى على شَفَا
  أزاح: بمعنى أزال، والداء: ممدودٌ وحقيقته: عِلَّةٌ تحصل بغلبة بعض الأخلاط على بعض واستعير هنا؛ لما فيه من المناسبة، والكُفْرُ: في اللغة: الستر والتغطية؛ ومِنْهُ سمي الزَّارَّعُ كافرًا: لستره الحَبَّ بالتراب، وسمي الليلُ كافرًا: لتغطية الأرض بالظلمة، وسمي البحر أيضًا كافرًا: لتغطيته ما تحته بالماء؛ وهو هنا: تغطية الإيمان وإظهار عبادة غير الله تعالى، ويكون أيضًا: بمعنى الجحود لنعم الله، قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ
(١) الكشاف ٤/ ٨١٤ تفسير سورة الإخلاص
(٢) لعله يقصد كتاب فتح الباري و الله أعلم.