فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في الأحكام

صفحة 58 - الجزء 1

  ٢٢ - وَاللَّقَبيُّ حدُّهُ قَدْ وُضِعَا ... ما اسْتَلْزَمَ الحُكْمَ الَّذِيْ قَدْ شُرِعَا

  اللَّقَبُ: هو العَلَمُ الذي إذا لوحِظَ معناه الأصلي أَشْعَرَ بمدح أو ذم، وهذا يشعر بابتناء الفقه في الدين على مسماه؛ فهو صفة مدح لهذا العلم، ومَا: عبارة عن العلم المذكور، أي: علم أصول الفقه هو: علم يستلزم الحكم الشرعي بمعنى أن من لازمه العلم بالأحكام الشرعية، وذلك أن العلم بقواعده الكلية يستلزم الحكم لزومًا لا انفكاك عنه، مثلًا: إذا علمت أن الأمر للوجوب: لزم عنه وجوب الصلاة والزكاة وسائر الواجبات المأمور بها؛ لأن قولنا: الأمر للوجوب: قضية كلية تندرج تحتها جميع جزئياتها، وهذا الحد أولى من الحد الذي ذكره صاحب الكافل؛ لما يَرِدُ عليه من الاعتراضات؛ ولهذا اعتمده الناظم.

فَصْلٌ في الأَحْكَامِ

  ٢٣ - فصلٌ: وأقْسَامُ الخطابِ الشَّرْعِيْ ... قِسْمَانِ تَكْلِيْفِيْ أَتَى وَوَضْعِيْ

  ٢٤ - فما اقَتضَى الفعلَ أو التَّرْكَ مَعَا ... حَتْمًا مِنَ الحُكْمِ الَّذِيْ قد شُرِعَا

  ٢٥ - فالأولُ الوجوبُ حيثُ فُعِلَا ... والثَّانِيَ الحُرْمَةُ حيْثُ أُهْمِلَا

  الأحْكَامُ: جمع حكم؛ والمراد به نسبة أمرٍ إلى آخر بالإيجاب أو السلب، وهو: خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف من حيث هو مكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، وقد صرح الناظم أنه قسمان: تكليفي، ووضعي؛ وأشار إلى أقسام التكليفي بقوله: فما اقتضى ... إلخ. يعني أن الخطاب الشرعي إِمَّا أن يقتضي الفعل أو الترك حتمًا أوْلَا، فالأول: الوجوب، والثاني: الحرمة والثاني من الترديد أشار إليه بقوله:

  ٢٦ - أَوِ اقْتَضَى الفِعْلَ أو التَّرْكَ بِلَا ... حَتْمٍ فَخُذْهُ يَا فَتَى مُفَصَّلَا

  ٢٧ - فَالأَوَّلُ النَّدْبُ وَأَمَّا الثَّانِيْ ... فَإِنَّهُ المكْرُوْهُ فِيْ البَيَان

  يعني إما أن يقتضي الفعل أو الترك بلا حتم أوْلا، الأول الندب والثاني المكروه والثالث من الترديد أشار إليه بقوله:

  ٢٨ - أَوْ كَانَ وَارِدًا على التَّخْيِيْرِ ... فَهْوَ إباحةٌ بِلَا نَكِيْر

  يعني حيث لا يقتضي الفعل أو الترك حتمًا أو غير حتم فهو الإباحة، وقد علم بذلك حدودها، فَالْوُجُوبُ: ما اقتضى الفعل حتمًا، والحُرْمَةُ: ما اقتضى الترك حتمًا، والنَّدْبُ: ما