الواجب وأقسامه
  الذي تقتضيه مناسبة، مهما لم تكن شبهية كما سيأتي، فخروج الدم يناسب هذه الأحكام بمعنى: أن العقل يقضي بأنه المؤثر فيها، ألا ترى أنه ورد تحريم وطء الزوجة عند الحيض، والفهم يتبادر إلى أن المانع خروج الدم لما فيه من الأذى وكذا سائرها، بخلاف الأحكام الأُوَلِ، فلا مناسبة بين خروج الدم، وبين البلوغ وخلو الرحم من الولد، وانقضاء العدة، وإنما خروج الدم علامة لهذه الأحكام. فإن قُلْتَ: فما فائدة الخطاب الوضعي؟ قُلْتُ: فائدته سهولة معرفة ما كُلِّفنا به من فعلٍ أو ترك بنصب المعرِّفِ علامة لذلك في كل واقعة بعد انقطاع الوحي لئلا تخلو أكثر الوقائع من الأحكام، مع ما فيه من حكمة الاختصار، قوله:
  ٣٤ - والفَرضُ والواجبُ يَا ذَا المعْرِفَهْ ... بَيْنَهُمَا كَمَا تَرَىَ مُرَادَفَهْ
  المَرادَفةُ: تعدد اللفظ واتحاد المدلول، والفرض والواجب لا فرق بينهما عند الجمهور، والخلاف(١) في ذلك مع الحنفية والناصر والداعي @، ففرقوا بينهما بأن الفرض قطعي، دليله: قطعي الدلالة والسند، والواجب ظني؛ دليله: ظني الدلالة أو السند أو كليهما ودليل المذهبين مبسوط في المطوَّلات. ثم أشار الناظم إلى تقسيم الواجب فقال:
الواجِبُ وَأَقْسَامُهُ
  ٣٥ - ويُقْسَمُ الواجبُ يَا صَاحِ إِلىَ ... فَرْضِ كِفَايَةٍ وعَيْنٍ قَدْ جَلَا
  أي أنه يقسم الواجب باعتبار فاعله إلى: فرض كفاية: وهو ما يسقط عن المكلف به بفعل آخر، وذلك: كصلاة الجنازة والجهاد، ويتعلق بالجميع حتى يفعله البعض، فيأثم من عرف الإخلال به متمكِّنًا من فعله، وإلى فرض عين: وهو مالا يسقط عن مكلف به بفعل آخر: كصلاة الظهر، والصوم، ومِنْهُ خواصه الواجبة عليه ÷، وهو على ضربين: أحدهما: ما يكون فعل بعض المكلفين شرطًا في صحة فعل البعض: كصلاة الجمعة، والثاني: مالا يكون كذلك، وَجَلَا: ظهر، قوله:
  ٣٦ - ثُمَّ إِلىَ مُؤقتٍ ومُطلَقِ ... ثُمَّ إِلىَ مُوَسَّعٍ مُضَيَّق
(١) قال ابن الأمير:
والفَرْضُ وَالوَاجِبُ قَدْ تَرَادَفَا ... وَالنَّاصِرُ الأُطْرُوشُ فِيهِ خَالَفَا
وقال في كتابه إجابة السائل ما معناه: إن إجماع أهل البيت ليس بحجة، وهو من الانحراف الظاهر الجلي عن منهاج أهل بيت النبي؛ فكيف يجزم بهذا القول وهو يعلم أن إجماعهم حجة الإجماع؟! ولا سيما أن ابن تيمة المعروف بنصبه الصريح يقول: إن إجماع أهل البيت حجة، وهذا من تناقضات واضطرابات المحدثين أقماهم الله. آمين.