توابع الأحكام
  ترتَّبَ على صِحَّتِهِ آثارهُ، كالمِلْكِ: مترتب على صحة البيع، وإذا صحت العبادة أسقطت القضاء. فإن قُلْتَ: فما الفرق بين الحدين؟ قلتُ: الفرق واضح وذلك أن الصلاة بظن الطهارة، ثم تَحَصَّلَ العلمُ في الوقت بعدمها، صحيحة على الأول لا الثاني وذلك لحصول الامتثال بموافقة أمر الشارع في الأول، وكونها غير مسقطة للقضاء في الثاني. فإن قُلْتَ: فهي على القول الأول غير مسقطة للقضاء فما الفرق؟ قُلْتُ: إنما وجب القضاء بدليل آخَرَ كما يشعر به كلامهم. والباطلُ: نقيضُ الصحيح بكلا الحدين، قوله:
  ٤٢ - والفاسدُ الَّذِيْ بأَصْلِهِ شُرِعْ ... لَكِنَّهُ بِوَصْفِهِ حَقًّا مُنِعْ
  اعلم أنه وقع الخلاف في الباطل والفاسد: هل هما مترادفان أم لا؟ فعند جمهور أئمتنا $ أنَّهُ: ما حصل فيه خلل في المعاملات يوجب عدم ترتب بعض الآثار عليها، مثلًا: البيع الفاسد يوجب جواز الفسخ وعدم الملك إلا بالقبض والأذن بالقيمة لا الثمن، وتلك ليست الآثار المقصودة منه: المِلك باللفظ؛ ووجوب الثمن وعدم جواز الفسخ بخلاف الباطل؛ فلا يترتب عليه شيء من الآثار، وعند مصنف الكافل والحنفية ما أشار إليه الناظم: بأنه المشروع بأصله، الممنوع بوصفه، وذلك: كالبيع المشتمل على زيادة أحد الطرفين في الربويات: فَإِنَّهُ ليس باطلًا؛ لانعقاده، ولا صحيحًا؛ لكونه غير مفيد إباحة الانتفاع ولو أسقط الزيادة لصح عندهم، فيكون الفاسد واسطة بين الصحيح والباطل عندهم، وأما عند الشافعي فالباطل والفاسد مترادفان، وَفَرَّقَ أصحابه بينهما في مواضعَ: كالحج والعارية والكتابة والخلع. بل قال الأسنوي: إنه يتصور الفرق أيضًا، في كل عقد صحيح غير مضمون: كالإجارة والهبة وغيرهما، وأما في العبادات فهما يترادفان عند الجميع، وإنما يتناول الخطاب الصحيح، قوله:
  ٤٣ - ويُطْلَقُ الجَائِزُ حَيْثُ يُتْقَنُ ... على المُبَاحِ وَعَلى مَا يُمْكِنُ
  ٤٤ - ثُمَّ عَلَى مَا يَسْتَوِيْ فِيْ الْفِعْلِ ... والتَّرْكِ والَمشْكُوْكِ فَافْهَمْ قَوْلِيْ
  الجائز يطلق على معانٍ: منها: المباح، وقد تقدم تعريفه، يقال: التزين بثياب الزينة جائز أي: مباح، ومنها: أنه يطلق على الممكن عقلًا: نحو: أن يقال: كون جبريل # في الأرض جايز؛ أي لا يمنع مِنْهُ العقل، والممكن: هو الذي لا ضرورة في وجوده ولا عدمه، وهو الذي يقال فيه: يمكن أن يكون ويمكن ألَّا يكون، وشرعًا: يقال: هذا جائز أي لا يمنع من جهة الشرع، فيشمل: الواجب والمندوب والمكروه والمباح، ومنها: أنه يطلق على