فصل في الأحكام
  لا يسمى قضاءً إِلَّا تجوزًا، إذ لم يسبق لها وجوب، وقوله: فاعتَبِرهُ مطلقًا: قيد للوجوب، أي: سواء سبق الوجوبُ على القاضي، أو على غيره، فيدخل قضاء الحائض للصوم فإنه وإن لم يسبق له وجوب عليها فقد وجب على غيرها، قوله:
  ٤٨ - وكُلُّ مَا يُفْعَلُ فِيْ وَقْتِ الأَدَا ... لِخَلَلٍ مُحَصَّلٍ في المُبتَدَا
  ٤٩ - وَذَاكَ ثَانٍ فَهُوَ الإِعادَهْ ... فَافْهَمْ بَلَغْتَ رُتْبَةَ الإِفَادَهْ
  الإعادة لغةً: الإرجاعُ، واصطلاحًا: ما ذكره الناظم وقوله: في وقت الأداء؛ خرج القضاء، والنوافل المطلقة، وقوله: لِخَلَلٍ ... إلخ: خرج ما يفعل لا لخلل كإعادة ما صلاه منفردًا لفضيلة الجماعة، وقوله: ثَانٍ: خرج الأداء، والحاصل أن الفعل لا يُقَدَّم على وقته، فإن فعل فيه فأداءٌ أو إعادة وبعده قضاءٌ، والواجباتُ أنواعٌ منها: ما يوصف بالأداء والقضاء والإعادة كالصلوات الخمس، ومنها: ما يوصف بالأداء والقضاء كصوم شهر رمضان والنذر المعيَّن، ومنها: ما يوصف بالأداء فقط، كالحج، ومنها: ما يوصف بالأداء مرتين كصلاة المتيمم لعدم الماء، ثم يجده وفي الوقت بقية يسعها أو ركعة منها، ومنها: ما يوصف بالقضاء فقط، كصوم الحايض، وما يجب قضاؤه ولو أُدِّيَ كَفَاسِدِ الحج وإن كان إطلاق القضاء عليه تجوزًا من حيث المشابهة للمقضي في الاستدراك، وَذَكَرَ بعض الشراح أن من أوصى بحج وصيَّةً بعد الموت أنَّهُ يكون قضاء، لأنه بعد وقته، وذلك لأن الحج وقته العُمُر، وهو قوي، ومنها: مالا يوصف بشيء منها كباقي الواجبات والنوافل المطلقة، قوله:
  ٥٠ - وَرُخْصَةٌ مَا شُرِعَتْ لِعُذْرِ ... كَمِثْلِ أَكْلِ مَيْتةٍ لِلْضُرّ
  ٥١ - مَعَ بَقَاءِ مُقْتَضَى التَّحْرِيْمِ ... فَافْهَمْ بَلَغْتَ غَايَةَ العُلُوْم
  ٥٢ - وقَدْ أَتَتْ خِلَافَها العَزِيْمَهْ ... فِيْ صِفَةٍ واضحةٍ مَعْلُوْمَهْ
  الرخصة في اللغة: التسهيل والتيسير، قال الجوهري(١): (الرخصة في الأمر خلاف التشديد فيه، ومِنْهُ رَخُصَ السِّعْرُ إذا تيسر وسهل)، واصطلاحًا: ما أشار إليه الناظم، وإنما قال: شُرِعتْ ولم يقل: فُعِلَتْ، إشارة إلى أن الترخيص لابد له من دليل وإلا لم يكن مشروعًا، وقوله: لِعُذْرِ: أي لعذر طارئ عليه، فيخرج به الحكم ابتداءً؛ لأنه مشروع لا لعذر؛ ووجوب
(١) الصحاح للجوهري ٢٤٨، وهو إسماعيل بن حماد الجوهري (ت ٣٩٣ هـ). أعلام الزركلي ١/ ٣١٣.