القسم الرابع من أقسام السنة
  كالحد نحو: قطع يد السارق، أو شرعًا كالصلاة بأذان وإقامة، أمارة بأنهما للوجوب، وكزيادة ركعة عمدًا في مكتوبةٍ، وذلك لأن زيادة ركن فعلي عمدًا يبطل الصلاة، فلو لم يكن واجبًا لكان ممنوعًا، أو استحقاق الذم على تركه، والثاني: الندب؛ وهو ما ظهر فيه أمر القربة ولم ينهض الدليل على وجوبه، وكونه مما له صفة زائدة على حسنه، وإخلاله به بعد المداومة على فعله من دون نسخ، واستحقاق المدح على فعله دون الذم على تركه، الثالث: ما لم يظهر فيه أمر القربة وهو المباح لم يكون فيه إلا مجرد الحسن فقط، كالفعل اليسير في الصلاة بعد تحريم الكثير، ويعلم وجه فعله ÷ إما بالضرورة من قصده حيث يعرف بقرائن الأحوال عند المشاهدة له، وإما بنصه عليه، كأن يقول: هذا الفعل واجب؛ وإما: لوقوعه امتثالًا لدالٍ على وجوب أو ندب أو إباحة، كإقامة الحد على نحو: الزاني؛ وكأن يتصدق مثلًا أو يصطاد بعد الإحلال من الإحرام، وإِمَّا: بأن يكون فعله بيانًا لخطاب يدل على الوجوب أو الندب أو الإباحة؛ وإِمَّا: بالتسوية بينه وبين ما علم وجهه، قوله:
  ٨٨ - وَتَرْكُهُ لِمَا بِهِ كَانَ أَمَرْ ... فَهْوَ عَلَى نَفْيِ الوُجُوْبِ قَدْ ظَهَرْ
  ٨٩ - وَفِعْلُهُ أَيْضًا لِمَا كَانَ نَهَى ... فَيَقْتَضِيْ إِبَاحَةً يَا ذَا النُّهَى
  يعني أن تركه ÷ لما قد كان أَمَرَ بِهِ، يدل على نفي وجوبه، وفعله لما كان نهى عنه يدل على إباحته، وذلك إذا كان لا لعذر ولا سهوٍ، فإن كان ذلك مما يختص به فذاك، وإلا كان حكمنا حكمه فيه. ثم أشار إلى القسم الرابع من أقسام السنة فقال:
القِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَقْسَامِ السُنَّةِ
  ٩٠ - وَإِنْ تُرِدْ مَعْرِفَةَ التَّقْرِيْرِ ... لِكَيْ تَكُوْنَ مِنْ ذَوِيْ التَّقْرِيْر
  ٩١ - فهو بأنْ يَعْلَمَ مِنْ مُكَلَّفِ ... فِعْلًا ولم يُنْكِرْ عَلَيْهِ فَاعْرِف
  ٩٢ - وَكَانَ قَادِرًا عَلى إِنْكَارِهِ ... وَلَا أَتَى إِنْكَارُهُ مِنْ غَيْرِه
  ٩٣ - حِيْنَئذٍ دلَّ عَلَى الجَوَازِ ... مِنْ دُونِ إِشْكَالٍ وَلا إِلغَاز
  ٩٤ - ولم يكنْ مثلَ مُضِيِّ كَافرِ ... إِلى كَنِيْسَةٍ فَحَقِّقْ تَظْفَر
  المرادُ بالتقرير: تقرير الرسول ÷ لغيره، والضمير في يَعْلَمَ: عائد إليه ÷