علم الحديث وأقسامه
  من رواته راوٍ فصاعدًا، من أي موضع كان، فيدخل فيه المعلق: وهو ما سقط مِنْهُ راوٍ من مبدأ السند، والمنقطع: وهو على ما ذهب إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم وابن عبد البر(١) من المحدثين، ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان، وهو ما سقط مِنْهُ اثنان مع عدم التوالي سواء ترك ذكر الراوي من أول الإسناد أو وسطه أو آخره، إلا أن الغالب استعماله فيمن دون التابعين عن الصحابي كَمَالِكٍ عن ابن عمر ذكره صاحب «الغاية»، والمعضَل: بفتح الضاد مِنْ أعضله فلان؛ أعياه أمره. فهو مُعْضَلٌ أي مُعْيا، فكأنَّ المحدِّث الذي حَدَّث به أعضله وأعياه، فلم يَنتفع به مَنْ يرويه عنه، وهو: ما سقط من إسناده اثنان فأكثر بشرط التوالي في أي موضع كان من الإسناد، وهو أي المرسل مقبول عند أئمتنا $ والمعتزلة والحنفية والمالكية؛ لإجماع الصحابة على رجوعهم إليه كالمسند.
  ثم أشار إلى القسم الثاني بقوله: أو مسندٌ ... إلخ: وهو ما اتصل إسناده إلى النبي ÷ وهو ينقسم إلى: ١ - صحيح لذاته، ٢ - وصحيح لغيره، ٣ - وحسنٍ لذاته، ٤ - وحسنٍ لغيره، وإلى أقسام كثيرة مذكورة في علم الحديث، ولا بأس بإيراد المحتاج إليه في هذا المقام تكميلًا للفائدة.
عِلْمُ الحَدِيْثِ وَأَقْسَامُهُ
  اعلم أن علم الحديث ينقسم إلى ثلاثة أقسام، اثنان منها تقدما، أعني: الصحيح والحسن، والثالث: الضعيف وذلك لأن الحديث إما مقبول أو مردود، وكل منهما إما أن يشتمل من أوصافه على أعلى وأدنى، فالأول من قسمي المقبول: الصحيح لذاته، والثاني منه: الحسن لذاته الذي إذا انضم إليه ما يجبر ذلك النقص اليسير كان صحيحًا لغيره، وإلا بقي على الحسن، والأول من قسمي المردود: الضعيف الذي لم يجبر، والثاني منه: الضعيف بما عدا الكذب الذي إذا انضم إليه ما يرجح جانب القبول كان حسنًا لغيره، وإلا بقى على ضعفه، فالصحيح لذاته: ما يرويه شخص ضابط لما يرويه، إما ضبط صدر أو ضبط كتاب بأن يصون كتابه عنده منذ سمعه، وصححه إلى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ، ومنع الرواية من الكتاب ضعيف، فَعُلِمَ أنه لا بد من الضبط الكامل وهو كما قال صاحب التعريفات(٢): سماع
(١) ابن عبد البر: محمد بن عبد البر السبكي، شافعي، فقيه، (ت ٧٧٧)، أعلام الزركلي ٦/ ١٨٤.
(٢) للشريف علي بن محمد بن علي السيِّد الزَّين أبي الحسن الحسني الجرجاني الحنفي (٧٤٠ هـ - ٨١٦ هـ).