فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

علم الحديث وأقسامه

صفحة 91 - الجزء 1

  الكلام كما يحق سماعه ثم فهم معناه الذي أريد به، ثم حفظه ببذل مجهوده، والثبات عليه بمذاكرته إلى حين أدائه إلى غيره، فيخرج الحسن لذاته فإن المعتبر فيه أصل الضبط لا غير، كما يأتي، ويشترط في الضابط عدالته، وَالْعَدَالَة إجمالًا: ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة وهذان الشرطان معتبران في جميع رواته من أول السند إلى منتهاهُ، سواءً كان انتهاؤه إلى النبي ÷ أو الصحابي أو إلى من دونه حتى يشمل الموقوف، ويشترط أيضًا فيه أن يكون كلٌ من رواته قد أخذ ذلك المروي عمن فوقه، بالإجازة على المعتمد، فخرج المنقطع والمعضَلُ والمرسل خفيًّا أو جليًّا والمدلس والمعلق إن وقع ممن لم يشترط الصحة، بخلاف معلق من اشترطها كالبخاري فإن تعاليقه المجزومة لها حكم الاتصال، ويشترط فيه انتفاء العلة والمعَلَّلُ بفتح اللام: هو ما فيه علة خفية قادحة مجمع عليها بين أئمة هذا الشأن كالإرسال الخفي والاضطراب فخرج بالخفية الظاهرة كالانقطاع وضعف الراوي، وبالقادحة: غيرها، كأن يروي العدل الضابط عن تابعي عن صحابي حديثًا فيرويه غيره ممن شاركه في سائر صفاته عن ذلك التابعي بعينه عن صحابي آخر، فإن هذا يسمى عند كثير من المحدثين علة، وهذا النوع أغمض أنواع الحديث وأدقها، بحيث لم يُقْدِمْ عليه إلا مَنْ رزقه الله حِفْظًا واسعًا وفهمًا نامِيًا ومعرفة تامة، ويشترط فيه انتفاء الشذوذ، فالشاذ: ما رواه الثقة المقبول مخالفًا لمن هو أولى مِنْهُ، مثال ذلك: ما رواه الترمذي والنسائي⁣(⁣١) وابن ماجة⁣(⁣٢) من طريق ابن عيينة⁣(⁣٣) عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس ® «أن رجلًا توفي على عهد رسول الله ÷ ولم يدع وارثًا إلَّا مولىً: هو أعتقه»⁣(⁣٤) الحديث، وتابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره ولم يذكر ابن عباس، قال أبو حاتم:⁣(⁣٥) المحفوظ حديث عيينة انتهى. وأما الحسن لذاته: فهو ما يكون راويه مشهورًا بالصدق والأمانة ولكنه لم يبلغ درجة راوي الصحيح في الضبط؛ لقصوره عنه في الحفظ والإتقان مع


(١) النسائي: أحمد بن علي بن شعيب النسائي صاحب السنن المعروف (ت ٣٠٣ هـ)، محدث، أعلام الزركلي ١/ ٢٧١.

(٢) ابن ماجة: محمد بن يزيد الربيعي القزويني، محدث (ت ٢٧٣ هـ) أعلام الزركلي ٧/ ١٤٤.

(٣) ابن عيينة: سفيان بن عيينة الهلالي الكوفي، محدث (ت ١٩٨ هـ)، أعلام الزركلي ١/ ٢٠٣.

(٤) الترمذي ٤/ ٤٢٣ رقم (٢١٠٦)، والنسائي في السنن الكبرى ٤/ ٨٨ رقم (٦٤٩)، وابن ماجة ١/ ٢٢٠ رقم (٢٧٣١).

(٥) أبو حاتم: سهيل بن محمد بن عثمان الجشمي السجستاني، شاعر، عالم، أعلام الزركلي ٣/ ١٤٣.

وهناك أبو حاتم آخر وهو: أحمد بن إدريس ابن المنذر أبو حاتم، محدث، أعلام الزركلي ٦/ ٢٧.