[الاستدلال على الباري تعالى بالقياس العقلي]
  وقال الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (مؤلف الأساس) قدس الله روحه في الجنة: اعلم أنه لا دليل على الله تعالى أبْيَنُ من كتابه، وذلك أن كونه معجزاً - كما يأتي إن شاء الله تعالى - دليلٌ على صحة خبره عن الله سبحانه وعن صفاته، ومن أنكر ذلك فقد ردَّ قوله تعالى: {هَذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[إبراهيم: ٥٢]. انتهى.
[الاستدلال على الباري تعالى بالقياس العقلي]:
  قال (جمهور أئمتنا $ وجمهور المعتزلة وقدماء الأشعرية وغيرهم: ويصح) الاستدلال على ثبوته تعالى (بالقياس العقلي(١))، بل زعمت البهشمية أنه لا طريق إلى إثبات الصانع وصفاته إلاَّ بالقياس على الفاعل في الشاهد، قالوا: بيان ذلك: أنه لا طريق إلى إثبات الصانع إلا حدوث أفعال لا يقدرُ عليها، ومجرد الحدوث لا يدل على الصانع إلا إذا علمنا بطلانَ حَدَثٍ لا مُحدث له، وإنما يعلم ذلك استدلالاً وقياساً على احتياج أفعالنا إلينا.
  وقال (بعض أئمتنا $) وهو الإمام يحيى # وغيرُهُ من المتأخرين (وغيرهم)، كأبي القاسم البلخي وأبي الحسين البصري(٢) والرازي: (لا يصح) الاستدلال بالقياس العقلي، قالوا: لأنا إذا علمنا حدوث العالم علمنا حاجته إلى محدِثٍ ضرورة، ولا يحتاج إلى الاستدلال على ذلك بأفعالنا.
  (قلنا) في الرد على المخالف: (يوصل(٣)) أي: القياس العقلي (إلى العلم) اليقين من معرفة الله سبحانه، (ألا ترى أن من وجد بناءً في فلاةٍ) أي: مفازة لا حي فيها(٤)
(١) القياس العقلي: المراد به هنا قياس الغائب على الشاهد؛ للاستدلال على الباري تعالى.
(٢) هو محمد بن علي بن الطيب البصري المتكلم على مذهب المعتزلة وهو أحد أئمتهم، له التصانيف الفائقة، منها: المعتمد وشرح الأصول الخمسة وغير ذلك. سكن بغداد وتوفي بها يوم الثلاثاء خامس شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وأربعمائة. (وفيات الأعيان باختصار). ذكره في المنية والأمل من الطبقة الثانية عشرة.
(٣) في الشرح الكبير والصغير: موصل. وفي المتن و (أ، ب): يوصل.
(٤) في الأصل و (ب): بها.