فصل: [في ذكر المؤثرات]
  وصفاتِهِ ما لا يخفى على أهل العقول، كما قال تعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ٢٠ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ ٢١}[الذاريات: ٢٠، ٢١]؛ (فيبطل تقدير عدم الدليل على الله سبحانه مع وجود المستدل، بخلاف العكس) وهو وجود الدليل فلا يلزم منه وجود المستدل؛ (لجواز أن يخلق الله سبحانه شيئاً لا يَعْلَم) أي: غير عاقل (- نحو الجماد - قبل خلقه تعالى من يَعْلَم) كما سيأتي إن شاء الله تعالى أنَّ أول ما خلق الله الهواء.
  (والجهل بوجه الدليل لا يبطل كونه دليلاً؛ لأن الجهل لا تأثير له في إبطال الأدلة باتفاق العقلاء)، وذلك واضح.
  وقال بعض المعتزلة: لا يصح أن يخلق الله جماداً قبل أن يخلق حيواناً يَنْتَفِعُ به.
  وهو باطل بما مَرَّ(١)، ولأنه يستحيل أن يوجد الحيوان لا في مكان، والله أعلم.
فصل: [في ذكر المؤثرات]
  (ولا مؤثر حقيقة إلا الفاعل)، وهو: إما الله سبحانه وتعالى، أو العبد المخلوق بما جعل الله له من الآلة التي هي القوة والقدرة على الفعل، سواء كان مختاراً إن شاء فعل وإن شاء ترك، أو مكرهاً على الفعل وملجأً إليه، والحيوان غير العاقل بما رَكَّبَ الله سبحانه فيه من الحياة والقدرة(٢).
  وقال (بعض المعتزلة) وهم من أثبت المعاني منهم، وأما من نفاها فهو ينفي العلل (والفلاسفة) - قال أرِسْطَاطَالِيس(٣) وبُرْقُلُس(٤): إن المؤثر في العالم علة
(١) في الشرح الكبير: بما سيأتي في ذكر اللوح.
(٢) وهذا قول أئمة أهل البيت $. (ش ك).
(٣) من فلاسفة الإغريق القدماء ولد في عام ٣٨٤ ق م في بلدة أسطاغيرا أقام بعد وفاة والده في أثينا ثم التحق بمدرسة أفلاطون وتتلمذ على يديه. (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي باختصار).
(٤) برقلس ديدوخس أفلاطوني من أهل أطاطولة وهو برقلس القائل بالدهر الذي تجرد للرد عليه يحيى النحوي بكتاب كبير صنفه في ذلك. (أخبار العلماء بأخيار الحكماء باختصار).